للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَتَبَهُ لَهُ فَإِذَا فِيهِ: "هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمُسْلِمِينَ

===

أي آخذًا صدقاتهم وعاملًا عليها (وكتبه) أي أبو بكر الكتاب (له) أي لأنس.

(فإذا فيه) أي في الكتاب: (هذه) أي المعاني الذهنية الدالة عليها النقوش اللفظية الآتية (فريضة الصدقة) أي نسخة فريضة، فحذف المضاف للعلم به (التي فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين) وهذا ظاهر في رفع الخبر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه ليس موقوفًا على أبي بكر - رضي الله عنه -، وقد صرح برفعه في رواية إسحاق المتقدمة ذكرُها.

ومعنى "فرض" ها هنا: أوجب، أو شرع يعني بأمر الله تعالى، وقيل: معناه: قدَّر؛ لأن إيجابها ثابت في الكتاب، ففرض النبي - صلى الله عليه وسلم - لها بيان للمجمل من الكتاب بتقدير الأنواع والأجناس، ويرد بمعنى البيان كقوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (١)، وبمعنى الإنزال كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} (٢)، وبمعنى الحل كقوله تعالى: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ} (٣) وكل ذلك لا يخرج عن معنى التقدير.

قال الراغب (٤): كل شيء ورد في القرآن "فرض على فلان" فهو بمعنى الإلزام، وكل شيء ورد "فرض له" فهو بمعنى لم يحرمه عليه، وذكر أن معنى قوله: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} أي أوجب عليك العمل به.

وهذا يؤيد قول الجمهور: إن الفرض مرادف للوجوب، وتفريق الحنفية بين الفرض والواجب باعتبار ما يثبتان به لا مشاحة فيه، وإنما النزاع في حمل ما ورد من الأحاديث الصحيحة على ذلك؛ لأن اللفظ السابق لا يُحْمَلُ على الاصطلاح الحادث.


(١) سورة التحريم: الآية ٢.
(٢) سورة القصص: الآية ٨٥.
(٣) سورة الأحزاب: الآية ٣٨.
(٤) انظر: "مفردات ألفاظ القرآن" (ص ٦٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>