للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلَيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِهِ:

فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ:

===

(التي) صفة ثانية للصدقة (أمر الله بها) أي بالصدقة (نبيه عليه السلام، فمن سُئِلَها) أي من سأله المصدقُ الصدقة (من المسلمين) بيان لمن (على وجهها) أي على هذه الكيفية المبينة في هذا الكتاب من الكتاب (فليعطها) أي ليُوءَدِّ الصدقة إلى المصدق، (ومن سئل فوقها) أي زائدًا على ذلك في سِنٍّ أو عدد (فلا يعطه) أي فله المنع، أي لا يعط شيئًا من الزيادة، أو لا يعط شيئًا إلى الساعي، بل إلى الفقراء بنفسه؛ لأنه بذلك يصير خائنًا فتسقط طاعته.

وهذا يدل على أن المصدق إذا أراد أن يظلم المزكي فله أن يأباه ولا يتحرى رضاه، ودل حديث جرير وهو قوله: "أرضوا مصدقيكم وإن ظُلِمْتُم" (١) على خلاف ذلك، وأجاب الطيبي: بأن أولئك المصدقين من الصحابة وهم لم يكونوا ظالمين، وكان نسبة الظلم إليهم على زعم المزكي، أو جريان على سبيل المبالغة، وهذا عام فلا منافاة بينهما، انتهى.

وقد يجاب (٢) بأن الأول محمول على الاستحباب، وهذا محمول على الرخصة والجواز، أو الأول إذا [كان] يخشى التهمة والفتنة وهذا عند عدمهما (٣).

(فيما دون خمس وعشرين من الإبل) أي في عشرين، وخمس عشرة،


(١) أخرجه أبو داود (١٥٨٩).
(٢) وجمع بينهما الشيخ ولي الله في "حجة الله البالغة" (٢/ ٤٧) بأن الجور نوعان: نوع أظهر النصُّ حكمه، ونوع للاجتهاد فيه مساغ إلى آخر ما قال، وجمع ابن رشد في "مقدماته" (١/ ٢٨٤) بوجهين: الأول أن ما في كتاب الصدقات ناسخ إذ كان في آخر عمره حتى لم يخرجه إلى العمال، والثاني أنه لا يمنع إذا خشي فتنة، ويمنع إذا لم يخش. (ش).
(٣) انظر: "مرقاة المفاتيح" (٤/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>