التي اشتهرت بين الناس ثمانية شروح على ما جاء في كتاب "الثقافة الإِسلامية في الهند " للعلَّامة السيد عبد الحي الحسني، وكان ذلك طبيعيًا ومعقولًا، ومما اقتضته طبيعة اختلاف المذاهب وطبيعة العلم والبحث.
إن هذه الحركة العلمية القوية التي انتشرت في مختلف أنحاء العالم الإِسلامي، واستمرت إلى عهد قريب، وظهرت بشكل خاص في مجال شروح الحديث وكتب التفسير وأصول الفقه، أفادت النشاط العقلي والعلمي في العالم الإِسلامي إفادًة كبيرة, لأنها مخضت المكتبة الإِسلامية الدينية، وغربلتها غربلة، ونخلت كتب الحديث والرجال وعلمي الأصول، للاحتجاج لما كان يراها المؤلفون وعلماء المذاهب من الآراء الفقهية من الكتاب والسنَّة والحديث الصحيح، وإقامة الدليل والبرهان عليه، فلم يبق جانب من جوانب الحديث النبوي وما يتصل به من علوم ومقدمات إلَّا وكشف عنه، ولا موضوع له نسب قريب أو بعيد بالسنَّة وآيات الأحكام إلَّا وبحث ودرس ونوقش، واستعملت العقول في ذلك إلى أقصى حدودها، فكان كل ذلك بما يعود على الشريعة الإِسلامية بالنفع، وتكوَّنت هذه المكتبة الدينية التي لا نظير لها في الملل والأمم.
وفي سنة ١٣٣٥ هـ حين بلغ الشيخ أربعًا وستين سنة من عمره، جاء الوقت الموعود المقدر لتأليف هذا الكتاب، فذكر أمنيته القديمة التي لم تفارقه مدة حياته الدراسية والتأليفية لتلميذه الذي ظهرت عليه آثار النجابة والنبوغ، واختص بالشيخ اختصاصًا لم يكتب لغيره، وهو العالم الناهض محمد زكريا- ابن صديقه مولانا محمد يحيى الكاندهلوي- الذي تخرج من المدرسة حديثًا، وعيِّن مدرسًا صغيرًا فيها، وذكر أنه لا يزال عنده حنين كامن لتأليف هذا الكتاب، إلَّا أن الأسباب لم تتهيَّأ له، وقد وهنت قواه وضعف بصره.
وكان أكبر الاعتماد في إنجاز هذا العمل على والده العظيم الشيخ محمد يحيى الذي رزق قسطًا كبيرًا من الذكاء وحسن الملكة في علم الحديث، وكان من أنجب تلاميذ الشيخ الإِمام المحدث مولانا رشيد أحمد