للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الشافعي، ومالك، والثوري، وحكاه ابن عبد البر عن الجمهور، إلى عدم وجوب الزكاة في العسل.

واعلم أن حديث أبي سيارة وحديث هلال- إن كان غير أبي سيارة- لا يدلان على وجوب الزكاة في العسل, لأنهما تطوعا بها، وحمى لهما بدل ما أخذ، وعقل عمر العلة فأمر بمثل ذلك، ولو كان سبيله سبيل (١) الصدقات لم يخير في ذلك، انتهى.

وقال في "البدائع" (٢): ثم وجوب العشر في العسل مذهب أصحابنا (٣) رحمهم الله تعالى، وقال الشافعي - رضي الله عنه -: لا عشر فيه. وزعم أن ما روي في وجوب العشر في العسل لم يثبت. ونحن نقول: إن لم يثبت عندك وجوب العشر في العسل فقد ثبت عندنا، ألا ترى إلى ما روي: أن أبا سيارة جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن لي نحلًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَدِّ عشره"، فقال أبو سيارة: احمها لي يا رسول الله، فحماها له (٤).

وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: "أن بطنًا من فهم (٥) كانوا يؤدون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نحل لهم العشرَ من كل عشر قِرَبٍ قربة، وكان يحمي لهم واديين"، فلما كان عمر - رضي الله عنه - استعمل [على] ما هناك سفيانَ بن عبد الله الثقفيَّ، فأبوا أن يؤدوا إليه شيئًا، وقالوا: إنما كان شيئًا نؤديه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكتب ذلك سفيان إلى عمر - رضي الله عنه -، فكتب إليه


(١) وفي "النيل" (٣/ ١٠٥)، ولو كان سبيله سبي الصدقات، وهو خطأ.
(٢) "بدائع الصنائع" (٢/ ١٨٣، ١٨٤).
(٣) ونصاب العسل عشرة قرب عند أبي يوسف، وخمسة أفراق عند محمد، وعشرة أفراق عند أحمد، كذا في "المنهل" (٩/ ٣٠٦)، قلت: مع اختلافهم في مقدار الفرق. (ش).
(٤) انظر: "مسند أحمد" (١/ ٢٣٦)، و"السنن الكبرى" للبيهقي (٤/ ١٢٦).
(٥) وفي "البدائع": فهر، وهو خطأ، والصواب: فهم، كما في الرواية الآتية، وكذا عند البيهقي في "الكبرى" (٤/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>