للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال ابن الهمام: وما يُستدل به على الوجوب هو ما استدل به الشافعي على الافتراض؛ فإن حمل اللفظ على الحقيقة الشرعية في كلام الشارع متعين ما لم يقم صارف عنه، والحقيقة الشرعية غير مجرد التقدير خصوصًا في لفظ البخاري ومسلم (١) في هذا الحديث: أنه عليه السلام أمر بزكاة الفطر، فمعنى لفظ "فرض" هو معنى لفظ "أمر"، والأمر الثابت بظن إنما يفيد الوجوب، ولا خلاف في المعنى فإن الافتراض الذي يثبتونه ليس على وجه يكفر جاحده، فهو معنى الوجوب الذي نقول به، غايته أن الفرض في اصطلاحهم أعم من الواجب في عرفنا، فأطلقناه على أحد جزأيه.

قال في "البدائع" (٢). وأما كيفية وجوبها فقد اختلف أصحابنا فيه، فقال بعضهم: إنما يجب وجوبًا مضيقًا في يوم الفطر عينًا، وقال بعضهم: يجب وجوبًا موسعًا في العمر كالزكاة، والنذور، والكفارات ونحوها، وهذا هو الصحيح؛ لأن الأمر بأدائها مطلق عن الوقت، فلا يتضيق الوجوب إلَّا في آخر العمر كالأمرِ بالزكاة وسائر الأوامر المطلقة عن الوقت.

وقال أيضًا: وأما وقت أدائها فجميع العمر عند عامة أصحابنا, ولا تسقط بالتأخير عن يوم الفطر، وقال الحسن بن زياد: وقت أدائها يوم الفطر من أوله إلى آخره، وإذا لم يؤدِّها حتى مضى اليوم سقطت.

وجه قول الحسن: أن هذا حق معروف بيوم الفطر فيختص أداؤه به كالأضحية.

ووجه قول العامة: أن الأمر بأدائها مطلق عن الوقت فيجب في مطلق


= مسلم" للنووي (٤/ ٦٧)، انتهى. وقال أبو بكر بن كيسان الأصم: إنها نسخت برواية النسائي، والجمهور على خلافهما، كذا في "الأوجز" (٦/ ٢٥١). (ش).
(١) في الأصل: "فمسلم" وهو تحريف.
(٢) "بدائع الصنائع" (٢/ ١٩٨، ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>