للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَوْ لِغَارِمٍ، أَوْ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَوْ لِرَجُلٍ كَانَ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ فَتُصُدِّقَ

===

ولنا أن ما يستحقه العامل إنما يستحقه بطريق العمالة لا بطريق الزكاة بدليل أنه يُعطَى وإن كان غنيًا بالإجماع (١)، ولو كان ذلك صدقة لما حلت للغني، وبدليل أنه لو حمل زكاته بنفسه إلى الإِمام لا يستحق العامل منها شيئًا، ولهذا قال أصحابنا: إن حق العامل فيما في يده من الصدقات، حتى لو هلك ما في يده سقط حقه، كنفقة المضارب إنما تكون في مال المضاربة، حتى لو هلك مال المضاربة سقطت نفقته كذا هذا، دل على أنه يستحق بعمله لكن على سبيل الكفاية له ولأعوانه لا على سبيل الأجرة لأن الأجرة مجهولة.

أما عندنا فظاهر, لأن قدر الكفاية له ولأعوانه غير معلوم، وكذا عنده؛ لأن قدر ما يجتمع من الصدقات بجبايته مجهول، فكان ثمنه مجهولًا لا محالة، وجهالة أحد البدلين يمنع جواز الإجارة، فجهالة البدلين جميعًا أولى، فدل أن الاستحقاق ليس على سبيل الأجرة بل على سبيل الكفاية له ولأعوانه لاشتغاله بالعمل لأصحاب المواشي، فكانت كفايته في مالهم.

وأما قوله: إن الله تعالى قسم الصدقات على الأصناف المذكورين؛ فممنوع أنه قسم، بل بَيَّن فيها مواضع الصدقات ومصارفها.

(أو لغارم) قيل: الغارم الذي عليه الدين أكثر من المال الذي في يده، أو مثلُه، أو أقلُّ منه، لكن ما وراءه ليس بنصاب، وقيل: الغارم من تحمل حمالة، وهو ما يتحمله الإنسان ويلتزمه في ذمته بالاستدانة ليدفعه في إصلاح ذات البين، فيُعطَى من الزكاة بشرط أن يستدين لغير المعصية، وشرط بعضهم أن الحمالة لا بد أن تكون لتسكين فتنة.

(أو لرجل) غني (اشتراها) أي الزكاة من الفقير (بماله، أو لرجل) غني (كان له جار مسكين فتُصُدِّقَ) بصيغة المجهول


(١) يشكل عليه أنه إذا أعطِيَ عمالة فكيف يمنع منه الهاشمي، وسيأتي الجواب على هامش "باب الصدقة على بني هاشم". (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>