للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَئٌ". [ن ٣٢٧، ت ٦٦، حم ٣/ ١٥، قط ١/ ٣٠، ق ١/ ٤]

===

(فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الماء) قيل: الألف واللام للعهد الخارجي، فتأويله أن الماء الذي تسألون عنه وهو ماء بئر بضاعة، فالجواب مطابقي لا عموم كلي، كما قاله الإِمام مالك (طهور) أي طاهر مطهر لكونه جاريًا في البساتين، و (لا ينجسه (١) شيء) (٢) أي ما لم يتغير بدليل الإجماع على نجاسة المتغير، فما جاء في بعض الطرق أنه كان كنُقاعة الحِنَّاء، محمول على لون جوهر مائها.

فإن قيل: لِمَ لم يجبهم بنعم حين قالوا: أنتوضأ؟ قلنا: لأنه يصير مقيدًا بحال الضرورة وليس كذلك، وأيضًا فإنه يفهم من الاقتصار على الجواب بنعم أنه إنما يتوضأ به فقط، ولا يَتَطَهَّرُ به لبقية الأحداث والأنجاس، "نيل" (٣).

والحديث يدل على أن الماء لا يتنجس بوقوع شيء فيه، سواء كان قليلاً أو كثيرًا ولو تغيرت أوصافه أو بعضها , لكنه قام الإجماع على أن الماء إذا تغير أحد أوصافه بالنجاسة يتنجس , فلا ينجس الماء بما لاقاه، ولو كان قليلاً إلَّا إذا تغير، وقد ذهب إلى ذلك ابن عباس وأبو هريرة


(١) قال الخطابي (١/ ٦٠): حديث بئر بضاعة لا يناقض حديث القلتين، فإن ماءها كان قلتين، بسطه صاحب "الغاية"، وبسط أيضًا الكلام على جرح الحديث وتعديله، قلت: وهذ الحديث نظراً إلى إطلاقه لا يوافق أحدًا من الأئمة الأربعة، فقيده المالكية بعدم التغير، والشافعية بقلتين، والحنفية بالجريان، وقال ابن رسلان: وقد جزم الشافعي بأن بئر بضاعة لا تتغير بإلقاء ما يلقى لكثرة مائها. (ش).
(٢) قال ابن رسلان: نكرة في موضع النفي، عام لكل شيء، إلَّا أن الإجماع خص منه المتغير بالنجاسة. (ش).
(٣) الإشارة إلى "نيل الأوطار" في غير محله، محله فيما بعد كما أشرت إليه، فليتنبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>