فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا عَلِيُّ! أَدِّ الدِّينَارَ". [ق ٦/ ١٩٤]
===
أي تطلب وتتفقد برفع صوتها (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا علي! أَدِّ الدينار).
وهذا الحديث وأمثاله بظاهرها تخالف الحنفية بأن عندهم أن اللقطة يجب التصدق بها إذا كان الملتقط غنيًّا، ولا يجوز صرفها على نفسه، واستشكل بأن ها هنا التقط علي - رضي الله عنه - الدينار، وأكله، وأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه، فلو كان كما قالت الحنفية لم يَجُزْ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأكل منها، ولا لعلي - رضي الله عنه -.
واختلفوا في الجواب عن هذا الإشكال، وقد كتبه مفصلًا مولانا الشيخ محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه - رحمه الله - فقال: استدل الشافعية بهذه الروايات على أن أكل اللقطة بعد التعريف لا يختص بالفقير، كيف وقد ثبت أن عليًّا وفاطمة أكلا منه وهم بنو هاشم، لا تحل لهم الصدقة بحال، فكذلك الغني يجوز له التناول منه، وأجاب الحنفية عن ذلك بوجوه:
١ - بضعف الروايات، ولا يصح؛ فإن الروايات كلها صحيحة، غاية الأمر أن تكون صحتها للغير إن صح الكلام في أحد من رواتها.
٢ - وبالاضطراب في الروايات؛ فإن السائلة عن المسألة في بعضها هي فاطمة، وفي بعضها سأل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، والناشد في بعضها امرأة، وفي بعضها غلام، وإتيانه في بعضها بعد ثلاث، وفي بعضها فبينا هم مكانهم.
ولا يصح هذا الجواب أيضًا؛ فإن مؤدى الكل واحد، أما السؤال عن المسألة فلعل عليًّا ذكر له القصة في أثناء الطريق، ثم ذكرتها فاطمة ولم تعلم بإخبار علي، أو كان سأله أحدهما فنسب إلى الآخر مجازًا، أو ذكرت بعض القصة فاطمة، ثم أتمها علي لكونه أعلم بها منها، وكثيرًا ما يأخذ أحد في الكلام فيقبل السامع على الآخر لما يعلم كونه أعلم بالقصة من المتكلم.
وأما أن المتفقد للدينار رجل أو امرأة فلعلهما أم وابن، أو أخ