وأخت، أو غير هذين، فأتى أحدهما ثم ردفه الآخر، فذكر كل من الرواة أحدًا.
وأما أن إتيان الناشد كان بعد ثلاث أو في مكانهم، فإن الظاهر من قوله:"مكانهم" وإن كان هو المكان بمعنى المجلس، والإضافة تفيد اتحاد المجلس وبقاءه غير متبدل بعد؛ إلا أنه لا يبعد حمله نظرًا إلى معناه اللغوي أنهم كانوا إجتمعوا بعد ثلاث في ذلك المكان المعين، فبينا هم ثمة إذ أتاهم ... إلخ.
وأجاب البعض الآخرون بأن الروأية منكرة؛ لأنها تخالف الروايات الصحيحة الناطقة بوجوب التعريف، وليس في شيء من الروايات، وفيه أن عدم ذكر الراوي التعريفَ لا يستلزم عدم التعريف.
وآخرون أثبتوا الاضطراب بوجه آخر، وهو أن هذه الرواية المفصلة الواردة ها هنا دالة على أن عليًّا أنفقه كما وجد، وقد ذكر في بعضها أنه عرفه ثلاثة أيام. فإحدى الروايتين غير صحيحة بيقين إلى غير ذلك من التطويلات التي هي غير مفيدة بيقين، بل الحق في الجواب- والله أعلم- أن رفع اللقطة قد تكون للحفظ، حتى تكون يدُ اللاقط عليها يد أمانة، ويجب حينئذ تعريفُها بفور ما أخذ, وقد يكون للإنفاق في حاجتها إذا علم من حال المالك رضاه بذلك، والقبض حينئذ قبض ضمان، ولما كان الحسنان فيما علمته من حالهما وكان أبواهما أيضًا كذلك كما تدل عليه العادة، ولم يكن أحد في المدينة بحيث يظن به الضن بعلي -رضي الله عنه - في مثل ذلك، سيما وقد رفعه لأداء ضمانه بعد ذلك، كان الدينار لا في حكم اللقطة، بل مثله في ذلك مثل صديق له مال عند رجل وهو يعلم من حاله أنه لو أنفق منه في حاجته، لا سيما فاقة الجوع لكان راضيًا، ثم أنفق منه اتكالًا على ذلك الإذن الغير الصريح لم يفعل بذلك بأسًا، كيف وقد قال الله تعالى في كتابه ما رفع الخفاء عن جواز أمثال هذه التصرفات بعد ما علم رضاء المالك حيث قال: {لَيْسَ عَلَى