للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يا رسول الله! ألا نغزو أو نجاهد معكم؟ فقال: "لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج، حج مبرور"، قالت عائشة - رضي الله عنها -: فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ففهمت عائشة - رضي الله عنها - ومن وافقها من هذا الترغيب في الحج إباحة تكريره لهن، كما أبيح للرجال تكرير الجهاد، وَخَصَّ به عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هذه ثم ظهور الحصر".

قال ابن بطال (١): زعم بعض من ينقص عائشة - رضي الله عنها - في قصة الجمل: أن قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (٢) يقتضي تحريم السفر عليهن، قال: وهذا الحديث أي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لكن أفضل الجهاد الحج" يردّ عليهم؛ لأنه يدل على أن لهن جهادًا غير الحج، والحج أفضل منه.

وكأن عمر - رضي الله عنه - متوقفًا في ذلك، ثم ظهر له قوة دليلها، فأذن لهن في آخر خلافته، وتبعه على ذلك من ذكر من الصحابة ومن في عصره من غير نكير، ثم كان عثمان بعده يحج بهن في خلافته أيضًا.

وقد أخرج البخاري في "صحيحه" (٣) عن إبراهيم، عن أبيه، عن جده: "أَذِنَ عمر - رضي الله عنه - لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر حجةٍ حجَّها، فبعث معهن عثمان بن عفان - رضي الله عنه -". قال الحافظ (٤): وكان عثمان ينادي: ألَّا يدنو أحد منهن، ولا ينظر إليهن وهن في الهوادج، فإذا نزلن أنزلهن بصدر الشعب فلم يصعد إليهن أحد، ونزل عبد الرحمن وعثمان بذنب الشعب.

وقال البيهقي (٥) بعد تخريج حديث إذن عمر في حجِّهن، وحديث أبي واقد هذا: قال الشيخ: في حج عائشة - رضي الله عنها - وغيرها من أمهات المؤمنين


(١) "فتح الباري" (٤/ ٧٥).
(٢) سورة الأحزاب: الآية ٣٣.
(٣) "صحيح البخاري" (١٨٦٠).
(٤) "فتح الباري" (٤/ ٧٣).
(٥) "السنن الكبرى" (٤/ ٣٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>