للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الأخذُ بها وطرحُ ما سواها؛ فإنه مشكوك فيه، والأولى أن يقال: إن الرواية المطلقة مقيدة بأقل ما ورد، وهي رواية ثلاثة الأميال إن صحت، وإلَّا فرواية البريد.

وقال سفيان: يعتبر المحرم في المسافهّ البعيدة لا القريبة.

وقال أحمد: لا يجب الحج على المرأة إذا لم تجد محرمًا، وإلى كون المحرم شرطًا في الحج ذهب العترة، وأبو حنيفة، والنخعي، وإسحاق، والشافعي- في أحد قوليه - على خلاف بينهم، هل هو شرط أداء أو شرط وجوب؟ وقال مالك -وهو مروي عن أحمد-: إنه لا يعتبر المحوم في سفر الفريضة، انتهى.

قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١): اتفقت هذه الآثار كلها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تحريم السفر ثلاثة أيام على المرأة بغير ذي محرم، واختلفت فيما دون الثلاث، فنظرنا في ذلك، فوجدنا النهيَ عن السفر بلا محرم مسيرة ثلاثة أيام فصاعدًا ثابتًا بهذه الآثار كلها، وكان توقيته ثلاثة أيام في ذلك إباحة السفر دون الثلاث لها بغير محرم، ولولا ذلك لما كان لذكره الثلاثَ معنى، ونهى نهيًا مطلقًا ولم يتكلم بكلام يكون فصلًا، ولكنه ذكر الثلاث ليعلم أن ما دونها بخلافها، وهكذا الحكيم يتكلم بما يدل على غيره، ليغنيه عن ذكر ما يدل كلامه ذلك عليه، ولا يتكلم بالكلام الذي لا يدل على غيره، وهو يقدر أن يتكلم بكلام يدل على غيره، وهذا تفضل من الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - بذلك، إذ آتاه جوامع الكلم الذي ليس في طبع غيره القوة عليه.

ثم رجحنا إلى ما كنا فيه، فلما ذكر الثلاث وثبت بذكره إياها إباحة ما هو دونها، ثم ما روي عنه ما في معها (٢) من السفر دون الثلاث من اليوم واليومين، والبريد، فكل واحد من تلك الآثار ومن الأثر المروي في الثلاث


(١) "شرح معاني الآثار" (٢/ ١١٤، ١١٥).
(٢) كذا في الأصل، والصواب: في منعها من السفر، كما في "شرح معاني الآثار".

<<  <  ج: ص:  >  >>