وهي حائض، ولا تنافي بينهما، والحديثان صحيحان، وقد حملهما ابن حزم على معنيين، فطهر عرفة: هو الاغتسال للوقوف [بها] عنده. قال: لأنها قالت: تطهرتُ بعرفة، والتطهر غير الطهر، قال: وقد ذكر القاسم يوم طهرها أنه يوم النحر، وحديثه في "صحيح مسلم" قال: وقد اتفق القاسم وعروة على أنها كانت يوم عرفة حائضًا، وهما أقرب الناس منها.
وقد روى أبو داود حديثًا عنها، وفيه: "فلما كانت ليلة البطحاء طهرت عائشة"، وهذا إسناد صحيح، لكن قال ابن حزم: إنه حديث منكر، مخالف لما روى هؤلاء كلهم عنها، وهو قوله: "إنها طهرت ليلة البطحاء"، وليلة البطحاء كانت بعد يوم النحر بأربع ليال، وهذا محال إلا أننا لما تدبرنا وجدنا هذه اللفظة أنها ليست من كلام عائشة، فسقط التعلق بها؛ لأنها هي مما دون عائشة، وهي أعلم بنفسها، انتهى بقدر الحاجة (١).
١٧٧٩ - (حدثنا القعنبي عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن أبي الأسود محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ نوفل، عن عروة بن الزبير، عن عائشةَ زوجِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: خرجنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع) من المدينة، فلما كنا بذي الحليفة أَذِنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من شاء أن يهل بحج فليهل، ومن شاء أن يهل بعمرة فليهل.
(فمنا من أهلَّ بعمرة) خالصة، (ومنا من أهلَّ بحج وعمرة) مجموعتين،
(١) قلت: والأوجه عندي أنه سقط الواو من الناسخ، فيكون الحديث صحيحًا بلا مرية، ويكون المعنى: فلما كانت ليلة البطحاء، وطهرت عائشة ... إلخ، كما سيأتي في المتن. (ش).