للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أورد المصنف - رحمه الله - ها هنا حديثين: أولهما حديث النهاس، عن عطاء، عن ابن عباس. وكان مدلول هذا الحديث قاعدة كلية: بأنه إذا أهل الرجل بالحج، ثم قدم مكة فطاف بالبيت وبالصفا والمروة فقد حَلَّ، ويكون هذا عمرة، وكانت هذه القاعدة خلافًا لما ثبت في الشرع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثبوتًا بيِّنًا لا مرية فيه؛ بأن هذا كان مختصًّا بأصحابه الذين لم يكن معهم هدي، وكان هذا ضعيفًا لضعف النهاس.

وأورد بعده حديث ابن جريج ليدل أن هذا الحديث منكر، والمعروف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل هذا لأصحابه الذين أهلُّوا بالحج ولم يكن معهم هدي، فجعلها عمرة لهم، فلعلَّه كان قول المؤلف الذي تقدَّم في الحديث المارّ، وهو: قال أبو داود: "هذا حديث منكر؛ إنما هو قول ابن عباس" في هذا الحديث، فغلط بعض النساخ، وكتب عقبه الحديث المتقدِّم، ولكن لم أره في نسخة من نسخ أبي داود التي عندي.

قلت: قد ثبت أن مذهب ابن عباس - رضي الله عنه -: أن من طاف بالبيت سواء كان حاجًّا أو معتمرًا فقد حل، أخرجه مسلم (١) من حديث أبي حسان قال: قيل لابن عباس: إن هذا الأمر قد تَفَشَّغَ بالناس، من طاف بالبيت فقد حل، وفي رواية: ما هذا الفتيا التي قد تَشَغَّفَتْ أو تشغَّبَتْ (٢) بالناس، الطواف عمرة، فقال: "سنَّة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - وإن رغمتم". وأخرج أيضًا من حديث ابن جريج، أخبرني عطاء قال: كان ابن عباس يقول: لا يطوف بالبيت حاج ولا غير حاجٍّ إلَّا حَلَّ. قلت لعطاء: من أين يقول ذلك؟ قال: من قول الله: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٣)، قال: قلت: فإن ذلك بعد المُعَرَّف (٤)، فقال: كان ابن عباس يقول: هو بعد المعرَّف وقبله، وكان يأخذ ذلك من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أمرهم أن يحلوا في حجة الوداع.


(١) انظر: "صحيح مسلم" (١٢٤٤، ١٢٤٥).
(٢) أي: فشا وانتشر.
(٣) سورة الحج: الآية ٣٣.
(٤) أي: بعد الوقوف بعرفة. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>