للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عز وجل عَلَى عِبَادِهِ فِى الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِى شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ

===

ويحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - لم يَخَفْ منها الشهوة (١).

(فقالت: يا رسول الله! ) هذا بيان الاستفتاء (إن فريضة الله عزَّ وجلَّ على عباده في الحج أدركتْ أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة (قال الحافظ (٢): والمعنى أنه وجب عليه الحج بأن أسلم وهو بهذه الصفة، وفي رواية: "وإن شددته خشيت أن يموت"، وعند ابن خزيمة بلفظ: "وإن شددته بالحبل على الراحلة خشيت أن أقتله"، وهذا يفهم منه أن من قدر على غير هذين الأمرين من الثبوت على الراحلة أو الأمن عليه من الأذى لو ربط لم يرخص له في الحج عنه، كمن يقدر على محمل موطأ كالمحفة، انتهى.

قلت: ولكن يشكل هذا بأن ظاهره إدراك الفريضة في حالة العجز، وهي تنافي الفرضية، فلا يجب عليه الحج، فلا يجب أن يحج عنه؛ فإن شرط الفرضية استطاعة السبيل، والذي لا يقدر على الركوب ولا يثبت على الراحلة غير مستطيع.

فإن قيل في الجواب عنه: إن الخثعمية لما رأت أباها ذا مال وقد أسلم، ففهمت منه أنه وجب عليه الحج، قلت: محل الإشكال ليس فهمها، ولكن محل الإشكال تقريره - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فالجواب عنه: أن إدراك الفريضة في هذه الحالة لا يستلزم الوجوب عليه، فإن معنى الإدراك هو المصادفة والموافقة في


(١) والأوجه في الجواب حل نظر المرأة إلى الأجنبي بدون شهوة بخلاف عكسه، كما سيأتي في باب قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: ٣١]، وله توجيه على قول من الشافعية خاصة، وهو أنه إذا عارض وجوب كشف الوجه للإحرام وجوب الستر عن الأجانب يجب عليها كشف الوجه، ويجب عليهم غض البصر، كما في "الأوجز" (٧/ ٢٢٠ - ٢٢٢). (ش).
(٢) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٦٩، ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>