للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

هذه الحالة، أي فريضة الله على عباده في الحج صادفت ووافقته في حالة العجز، وهو لا يستلزم فرض الحج عليه.

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - في جواب قولها: "أفأحج عنه؟ قال: نعم"، فما كان على سبيل الفرضية والوجوب، بل على التنفل، وإلى هذا الجواب أشار الحافظ، وحكى عن القاضي عياض بقوله: وقال عياض: لا حجة للمخالف في حديث الباب (١)؛ لأن قوله: "إن فريضة الله على عباده ... إلخ" معناه أن إلزام الله عباده بالحج الذي وقع بشرط الاستطاعة صادف أبي بصفة من لا يستطيع؛ فهل أحج عنه؛ أي: هل يجوز لي ذلك، أو هل فيه أجر ومنفعة؟ فقال: نعم. ثم اعترض عليه الحافظ: وتُعُقِّبَ بأن في بعض طرقه التصريح بالسؤال عن الإجزاء فيتم الاستدلال، وتقدم في بعض طرق مسلم "إن أبي عليه فريضة الله في الحج"، ولأحمد في رواية: "والحج مكتوب عليه".

قلت: فالأولى في الجواب أن يقال: معنى قوله: "إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا" معناه: أدركت أبي في حالة الاستطاعة حتى صار شيخًا كبيرًا، ودخل في غير حالة الاستطاعة، ففوت القدرة بعد تحققها لا يكون مانعًا عن الوجوب السابق، فيجب عليه حينئذ أن يحج بنفسه أو يحج [عنه] غيره، أو يوصي به.

والتحقيق: أن الشيخ الكبير الذي لا يستطيع [الحج] على الراحلةِ ولا يقدر على الاستمساكِ والثبوتِ عليها إذا حصل له مال في هذا الوقت، اختلفوا فيه؛


(١) وفي الحديث مسألة الحج على المعضوب، وهو الذي ملك الزاد والراحلة في حال لا يقدر أن يثبت على الراحلة لضعفه ولكبر سنه، فعند الشافعي وأحمد والصاحبين: يجب عليه الحج، وهو ظاهر الحديث، وعند أبي حنيفة ومالك: لا يجب، ولما كان القاضي عياض مالكيًّا أوَّل الحديث كما في الشرح، وحمل الحافظ الحديث على ظاهره لكونه موافقًا لمذهبه. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>