للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فذهب الشافعي - رضي الله عنه - (١) لا يجوز له ذلك، وقال الثوري: يجزئه حج من نفسه أو لم يحج ما لم يتضيق عليه، وعند الحنفية: يكره له ما لم يحج عن نفسه.

واستدل المانعون بحديث ابن عباس هذا، وقالوا: هذا الحديث يدل على أنه يجب عليه أن يحج عن نفسه ثم يحج عن غيره.

واختلفوا في رفع هذا الحديث ووقفِه، فرجَّح عبد الحق وابن القطان رفعه، وصححه البيهقي، وقال: إسناده صحيح، وليس في هذا الباب أصح منه. ورجح الطحاوي أنه موقوف (٢)، وقال أحمد: رفعه خطأ. وقال ابن المنذر: لا يثبت رفعه، كذا قال الشوكاني (٣).

وأجاب ابن الهمام في "شرح الهداية" (٤) ما ملخصه: أن هذا الحديث مضطرب في وقفه ورفعه، وليس هذا مثل ما ذكرناه غير مرة في تعارض الرفع والوقف من تقديم الرفع؛ لأنه زيادة تقبل من الثقة، فإن ذلك في حكم مجرد عن قصة واقعة في الوجود رواه واحد عن الصحابي يرفعه وآخر عن نفسه فقط، فإن هذا يتقدم فيه الرفع؛ لأن الموقوف حاصله أنه قد ذكره ابتداء على وجه إعطاء حكم شرعي، أو جوابًا لسؤال، ولا ينافي هذا كون ما ذكره مأثورًا عنده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

أما في مثل هذه وهي حكاية قصة: هي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع من يلبي عن شبرمة، فقال له ما قال، أو أن ابن عباس - رضي الله عنه - سمع من يلبي


(١) وفي "نيل المآرب" (١/ ٢٨٩): لا يصح لمن لم يحج عن نفسه أن يحج عن غيره، فإن فعل انصرف إلى حجة الإِسلام، هذا هو المشهور من روايته، وأخرى له: يصح، كذا في "الأوجز" (٧/ ٢١٧). (ش).
(٢) ورفعه معلول، كما حكاه العيني (٧/ ١١)، وبسط الكلام على الحديث، وكذا بسطه الحافظ في "التلخيص" (٢/ ٤٨٩). (ش).
(٣) انظر: "نيل الأوطار" (٣/ ٢٩١).
(٤) "فتح القدير" (٣/ ١٤٧، ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>