للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ،

===

المظهر. وعن الفراء: هو منصوب على المصدر، وأصله: لبًا لك، فثني على التأكيد، أي إلبابًا بعد إلباب، وهذه التثنية ليست حقيقية بل هي للتكثير أو المبالغة، ومعناه إجابة بعد إجابة، أو إجابة لازمة.

قال جماعة من أهل العلم: معنى التلبية إجابة دعوة إبراهيم حين أذن في الناس بالحج. عن ابن عباس قال: "لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت، قيل له: أذن في الناس بالحج، قال: رب، وما يبلغ صوتي، قال: أَذِّنْ وعليَّ البلاغ، قال: فنادى إبراهيم: يا أيها الناس! كتب عليكم الحجُّ إلى البيت العتيق، فسمعه من بين السماء والأرض، أفلا ترون أن الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون"، وفي رواية: "فأجابوا بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلَّا من كان أجاب إبراهيم يومئذ"، انتهى ملخصًا.

(إن الحمد) روي بكسر الهمزة على الاستئناف، وبفتحها على التعليل، والكسر أجود عند الجمهور، ونقل الزمخشري أن الشافعي اختار الفتح، وأن أبا حنيفة اختار الكسر (١).

(والنعمةَ لك) المشهور فيه النصب. قال عياض: ويجوز الرفع على الابتداء، ويكون الخبر محذوفًا، والتقدير: إن الحمد لك، والنعمة مستقرة لك، قال ابن المنير: قرن الحمدَ والنعمةَ وأفرد (٢) الملك؛ لأن الحمد متعلق النعمة، ولهذا يقال: الحمد لله على نعمه، فجمع بينهما كأنه قال: لا حمد إلَّا لك؛ لأنه لا نعمة إلَّا لك، وأما الملك فهو معنى مستقل بنفسه، ذكر لتحقيق أن النعمة كلها لله لأنه صاحب الملك.


(١) انظر: "فتح الباري" (٣/ ٤٠٩).
(٢) في الأصل: "إفراد"، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>