للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والسادس: أن حديث ابن عباس محكم في معناه لا يحتمل تأويلًا قريبًا، وأما حديث أبي رافع ويزيد بن الاْصم فمحتملان؛ لأن فيه تأويلات قريبة، فأما ما أولوا في حديث ابن عباس بأن معنى قوله: "وهو محرم" داخل في الحرم، فيبطله لفظ البخاري: "أنه عليه السلام تزوجها وهو محرم، وبنى بها وهو حلال"، فالتقابل الذي وقع بين قوله: "تزوجها وهو محرم، وبنى بها وهو حلال" يدفع هذا التأويل.

وأما الإشهاد بقول الشاعر:

قتلوا ابن عفان الخليفة محرمًا

ردَّه الأصمعي. قال الأصمعي (١) في جواب الرشيد: كل من لم يأت شيئًا يوجب عليه عقوبة فهو محرم، لا يحل منه شيء، وتأويلهم في لفظ التزوج بمعنى ظهر أمر تزويجه وهو محرم، فهو أيضًا غير صحيح، أما أولًا فإنه لم يظهر أمر تزوجه إياها في حالة الإحرام، بل تقولون أنتم لم يروه إلَّا ابن عباس، وحمله سعيد بن المسيب على وهم ابن عباس، فكيف يقال: إنه ظهر أمر التزوج في حالة الإحرام.

وثانيًا: أنه لم يثبت تزوجه إياها قبل الإحرام، فإن إحرامه - صلى الله عليه وسلم - كان بذي

الحليفة، فهذه التأويلات كلها باطلة.

وأما التأويلات التي قالوا في حديث أبي رافع ويزيد بن الأصم كلها تأويلات قريبة، فإنه يؤول أولًا بأنه ظهر أمر تزوجها وهو حلال، وثانيًا: يقال: معنى التزوج البناء، أي بني بها وهو حلال، وثالثًا: أن تزوجها بمعنى خطبها، كما يدل عليه ما أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (٢): أخبرنا يزيد بن هارون، عن عمرو بن ميمون بن مهران: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي: أن سل يزيدَ بنَ الأصم أحَرامًا


(١) انظر: "نصب الراية" (٣/ ١٧٢).
(٢) "الطبقات الكبرى" (٨/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>