للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يسار: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا رافع مولاه ورجلًا من الأنصار فزوَّجاه ميمونةَ بنت الحارث، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة قبل أن يخرج"، وهذا مرسل، ومع ذلك يرده ما ثبت أنه فوَّض أمرها إلى العباس وأنكحها.

فقد قال في "المعتصر (١) من المختصر لمشكل الآثار للطحاوي": فإن قيل: أفيخفى عن ميمونة وقت تزويجها؟ قيل له: نعم، لما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل أمرها إلى العباس، فزوجها إياه، فيحتمل أنه ذهب عنها (٢) الوقت الذي عقد عليها عندما فوضتْ إلى العباس أمرَها، فلم تشعر إلَّا في الوقت الذي بني بها فيه، وعلمه ابن عباس لحضوره وغيبتها عنه.

ويرده أيضًا ما رواه أبو داود بسنده عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة قالت: "تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن حلالان بسرف"، فعلى هذا معنى قوله: "فزوَّجاه ميمونة"، أي: فبلغاه رضا ميمونة بتزوجها به بالمدينة.

وقال الزرقاني (٣) في شرح هذا الحديث: فظاهر قوله: "فزوجاه" أنه وكَّلَهما في قَبول النكاح له، لكن روى أحمد والنسائي عن ابن عباس: "لما خطبها النبي - صلى الله عليه وسلم - جعلت أمرها إلى العباس، فأنكحها النبي - صلى الله عليه وسلم -"، فظاهره أنه قبل النكاح بنفسه، ويقوِّيه رواية ابن سعد عن سعيد بن المسيب: "أنه - صلى الله عليه وسلم - قدم وهو محرم، فلما حل تزوجها"، فيحمل قوله: "فزوَّجاه" على معنى "خطبا له" فقط مجازًا.

ومنها: أنه تزوجها بسرف، وهو موضع على عشرة أميال من مكة قرب وادي فاطمة، وهذا يحتمل أمرين: أحدهما: أنه تزوجها جائيًا إلى مكة، أو تزوجها راجعًا من مكة إلى المدينة، فإن كان الأول فعلى هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان محرمًا قطعًا، وإن كان الثاني فكان حلالًا قطعًا.


(١) "المعتصر" (١/ ٢٨٧).
(٢) في الأصل: "عنه"، وهو تحريف.
(٣) "شرح الزرقاني" (٢/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>