وهذه الرواية تقتضي أن أبا قتادة لم يخرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة، وليس كذلك.
ثم وجدت في "صحيح ابن حبان" والبزار قال: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا قتادة على الصدقة، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهم محرمون حتى نزلوا بعسفان"، فهذا سبب آخر، ويحتمل جمعهما.
والذي يظهر أن أبا قتادة إنما أخر الإحرام؛ لأنه لم يتحقق أنه يدخل مكة فساغ له التأخير، وقيل: كانت هذه القصة قبل أن يُوَقِّتَ النبي - صلى الله عليه وسلم - المواقيتَ.
(فرأى حمارًا وحشيًا) وقع هاهنا بالإفراد، وفي رواية بالجمع (فاستوى على فرسه، قال: فسأل أصحابَه أن يناولوه سوطه) وكان سقط عنه (فأبوا)؛ لأنهم كانوا محرمين وقد علموا قبل ذلك الإعانة على قتل الصيد ممنوع لهم (فسألهم رمحه، فأبوا) لأجل الإحرام، (فأخذه) أي الرمح (ثم شد) أي حمل (على الحمار) وكانت أتانًا، (فقتله) وكفى هذا الجرح عن الذبح, لأنها ذكاة اضطرارية، فيكفي فيه الجرح.
(فأكل منه بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) لأنهم قالوا: ما اصطدناها، ولا أمَرْنا باصطيادها, ولا دللنا عليه، ولا أشرنا إليه (وأبى بعضهم) فتورَّعوا، أو عملوا بعموم قوله تعالى:{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ}(١) أي: مصيده (فلما أدركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألوه عن ذلك) أي عن حل لحم الصيد وحرمته (فقال: إنما هي طُعمة أطعمكموها الله تعالى).