للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فقال: خذوا ساحل البحر حتى نلتقي، فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا أحرموا كلهم إلا أبا قتادة لم يحرم، فبينما هم يسيرون إذ رأوا حُمُرَ وحشٍ" الحديث.

وسياق حديث البخاري هذا مشكل؛ لأنه يخالف جميع السياقات التي أخرجها البخاري وغيره، فإنه يدل على أن أبا قتادة ومن معه من أصحابه خرجوا معه إلى ساحل البحر، وكلهم لم يحرموا، فلما انصرفوا من ساحل البحر أحرموا كلهم إلا أبا قتادة فإنه لم يحرم، وجميع السياقات يدل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من أصحابه كلهم أحرموا من الميقات إلَّا أبا قتادة فإنه لم يحرم.

وتأوله القسطلاني (١) بأن قوله: "فلما انصرفوا" شرط، ليس جزاؤه قوله: "أحرموا كلهم إلا أبو قتادة بل جزاؤه قوله: "فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحشٍ وتقدير العبارة: فقال: خذوا ساحل البحر حتى نلتقي، فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا وكانوا قد أحرموا كلهم من الميقات إلَّا أبو قتادة؛ فإنه لم يحرم من ذي الحليفة، فبينما هم يسيرون.

قلت: فعلى هذا لم يبق فيه إشكال، ولم أر من تعرض لدفع هذا الإشكال من الشراح إلَّا القسطلاني، فجزاه الله خيرًا. ولم يحرم هو لأنه إما لم يجاوز الميقات، وإما لم يقصد العمرة، وبهذا يرتفع الإشكال الذي ذكره أبو بكر الأثرم قال: كنت أسمع أصحابنا يتعجبون من هذا الحديث (٢) فيقولون: كيف جاز لأبي قتادة أن يجاوز الميقات وهو غير محرم؟ ولا يدرون ما وجهه؟ قال: حتى وجدته في رواية من حديث أبي سعيد، فيها: "وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه في وجه" الحديث، قال: فإذا أبو قتادة إنما جاز له ذلك لأنه لم يخرج يريد مكة،


(١) انظر: "إرشاد الساري" (٤/ ٤٠٦).
(٢) وأوَّله ابن قدامة بأنه لعله أخَّر إحرامه إلى الجحفة؛ لأنه لم يمرّ على طريق ذي الحليفة. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>