للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ومنها: أنه ليس فيه تعرض لغير حلق الرأس من سائر شعور الجسد، وقد أوجب العلماء الفدية بحلق سائر شعور البدن؛ لأنها في معنى حلق الرأس إلَّا داود الظاهري، فإنه قال: لا تجب الفدية إلَّا بحلق الرأس فقط، وحكى الرافعي عن المحاملي (١) أن في رواية عن مالك لا تتعلق الفدية بشعر البدن.

ومنها: أنه أمر بحلق شعر نفسه، فلو حلق المحرم شعر حلال فلا فدية على واحد منهما عند مالك والشافعي وأحمد، وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: ليس للمحرم أن يحلق شعر الحلال، فإن فعل فعليه صدقة.

ومنها: أنه إذا حلق رأسه أو لبس أو تطيب عامدًا من غير ضرورة، فقد حكى ابن عبد البر في "الاستذكار" عن أبي حنيفة والشافعي وأصحابهما وأبي ثور: أن عليه دمًا لا غير، وأنه لا يُخَيَّرُ إلا في الضرورة، وقال مالك: بئس ما فعل، وعليه الفدية، وهو مخيَّر فيها، وقال شيخنا زين الدين: وما حكاه عن الشافعي وأصحابه ليس بجيد، بل المعروف عنهم وجوب الفدية، كما جزم به الرافعي، كما أوجبوا الكفارة في اليمين الغموس.

ومنها: أنه خيَّره بين الصوم والإطعام والذبح، وقال أبو عمر: عامة الآثار عن كعب وردت بلفظ التخيير، وهو نص القرآن العظيم، وعليه مضى عمل العلماء في كل الأمصار، قال: إذا كان "أو" بأيَّة أخذتَ أجزَأَكَ، قال: وروي عن مجاهد وعكرمة وعطاء وطاوس والجنيد وحميد الأعرج والنخعي والضحاك نحو ذلك، وذهب أبو حنيفة (٢) والشافعي وأبو ثور إلى أن التخيير لا يكون إلَّا في الضرورة، فإن فعل ذلك من غير ضرورة فعليه دم.

قلت: ووجهه أن التخيير في حال الضرورة للتيسير والتخفيف، والجاني لا يستحق التخفيف.


(١) وقع في الأصل: "المحامل"، وهو تحريف.
(٢) وعزاه الحافظ إلى الجمهور، وقد خالف فيه أكثر المالكية ("فتح الباري" ٤/ ١٩). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>