للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أبي حنيفة (١) طاهر مكروه، والكراهة فيه كراهة تحريمية أو تنزيهية قولان.

قال في "الهداية": وسؤر الهرة طاهر مكروه، ثم قيل: كراهته لحرمة اللحم، وقيل: لعدم تحاميها النجاسة، وهذا يشير إلى التنزه، والأول إلى القرب من التحريم.

وفي "الدر المختار" (٢): طاهر للضرورة، مكروه تنزيهًا في الأصح إن وجد غيره، وإلَّا لم يكره أصلًا كأكله لفقير، فالقول بطهارة سؤرها مع كراهة التنزيه أعدل الأقوال وأوفق الروايات؛ لأن النزاع ليس في النجاسة للاتفاق على سقوطها بعلة الطواف المنصوصة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات"، يعني: أنها تدخل المضايق، ولازمه شدة المخالطة بحيث يتعذر معه صون الأواني منها بل النفس، والضرورة اللازمة من ذلك أسقطت النجاسة كما أنه سبحانه وتعالى أوجب الاستئذان وأسقطه عن المملوكين {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ} (٣) أي عن أهلهم في تمكينهم من الدخول في غير الأوقات الثلاثة بغير إذن، لأجل الطواف المفاد بقوله تعالى عقيبه: {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} (٤).

فهذا الحديث المذكور وإن دل على طهارة سؤرها للضرورة، لكنه لا ينفي الكراهة، وقد ثبتت الكراهة بالأحاديث التي ذكرناها بدلالتها على


(١) وحكى الطحاوي الإباحة عن الصاحبين، والكراهة عن الإِمام، ونظر فيه لحرمة اللحم، وأجاب عن روايات الطواف بأنها محمولة على مماسة الثياب. (ش).
[قلت: لكن الطحاوي في "مشكل الآثار" (٧/ ٨٢) جعل أبا يوسف مع الشافعي، ومحمدًا مع أبي حنيفة، وهو الأصح].
(٢) انظر: "رد المحتار" (١/ ٣٨٤).
(٣) سورة النور: الآية ٥٨.
(٤) سورة النور: الآية ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>