للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَتْ عَائِشَةُ - رضي الله عنها -: كلَّا لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ, كَانَتْ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا, إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِى الأَنْصَارِ, كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ, وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ, وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطَّوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ, فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلَامُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ ذَلِكَ, فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} ". [خ ١٦٤٣، م ١٢٧٧، ن ٢٩٦٨، حم ٦/ ١٤٤]

===

فلو كان واجبًا لما اكتفى بذلك؛ لأن رفع الإثم علامة المباح، ويزداد المستحب بإثبات الأجر، ويزداد الوجوب عليهما بعقاب التارك.

(قالت عائشة - رضي الله عنها -: كلا) حرف ردع، ولفظ البخاري: "قالت: بئسما قلت يا ابن أختي" (لو كان كما تقول) أي لو كان الحكم بالسعي بين الصفا والمروة كما تقول (كانت) أي الآية (فلا جناح عليه) أي على الحاج أو المعتمر (أن لا يطوف بهما).

ومحصل جواب عائشة أن الآية ساكتة عن الوجوب وعدمه، مصرحة برفع الإثم عن الفاعل، وأما المباح فيحتاج إلى رفع الإثم عن التارك، والحكمة في التعبير بذلك مطابقة جواب السائلين بأنهم توهموا من كونهم كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية أنه لا يستمر في الإِسلام، فخرج الجواب مطابقًا لسؤالهم.

ووجه نزول الآية هكذا (إنما أنزلت هذه الآية) أي: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية (في الأنصار كانوا يهلون) أي يحجون (لمناة) بفتح الميم والنون الخفيفة: صنم كان في الجاهلية، وقال ابن الكلبي: كان صخرة نصبها عمرو بن يحيى لهذيل، وكانوا يعبدونها (وكانت مناة حذو) أي مقابل (قديد) بقاف مصغرًا: قرية جامعة بين مكة والمدينة كثيرة المياه (وكانوا) أي الأنصار (يتحرجون) أي يعدونه حرجًا وإثمًا في الجاهلية (أن يطوفوا بين الصفا والمروة).

(فلما جاء الإِسلام سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك) أي عن الطواف بين الصفا والمروة (فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ})

<<  <  ج: ص:  >  >>