للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ويخالف ذلك حديثُ مسلم أخرجه من طريق أبي معاوية، عن هشام ولفظه: "إنما كان ذلك لأن الأنصار كانوا يهلُّون في الجاهلية لصنمين على شَطِّ البحر، يقال لهما: إساف ونائلة، فيطوفون بين الصفا والمروة، ثم يحلقون (١)، فلما جاء الإِسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون في الجاهلية".

ووجه الجمع بينهما على ما أشار إليه البيهقي: أن الأنصار في الجاهلية كانوا فريقين: منهم من كان يطوف بينهما، وهم الذين كانوا يُهلِّون لإساف ونائلة، وكانت إحداهما على الصفا، والأخرى على المروة، وما وقع أنهما كانا على شط البحر فإنه وهم، فإنهما ما كانا قط على شط البحر، وإنما كانا على الصفا والمروة، والتي كانت على شط البحر هي مناة، نبه على ذلك عياض (٢).

ومنهم من كان لا يقربهما على ما اقتضته رواية الزهري: وهم الذين كانوا يهلون (٣) لمناة، واشترك الفريقان في الإِسلام على التوقف عن الطواف بينهما لكونه كان عندهم جميعًا من أفعال الجاهلية، فنزلت الآية في الفريقين.

وذكر الواحدي: أن أهل الكتاب يزعمون أن إساف ونائلة زنيا في الكعبة فمسخا حجرين، فوضعا على الصفا والمروة ليعتبر بهما، فلما طالت المدة عُبدا.

واختلف أهل العلم في الطواف بين الصفا والمروة على ثلاثة أقوال: أحدهما: أنه ركن لا يصح الحج إلَّا به، وهو قول ابن عمر وعائشة وجابر، وبه قال الشافعي ومالك في المشهور، وأحمد (٤) في أصح الروايتين عنه، وإسحاق


(١) في الأصل: "يحلون"، وهو تحريف.
(٢) انظر: "الإكمال" (٤/ ٣٥٣).
(٣) قال القسطلاني (٤/ ١٨٦): إن من يهل لمناة كان يتحرج لهذين الصنمين لحبهم صنمهم وبغضهم إياهما. (ش).
(٤) لكن رجح الموفق (٥/ ٣٣٩) أنه واجب كقولنا، نعم؛ عد صاحب "الروض" (١/ ١٧١) السعي من الأركان. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>