(فأناخ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناقته, ثم بال، وما قال) أي أسامة: (أهراق الماء) والظاهر أنه من كلام كريب، (ثم دعا بالوضوء) أي بماء الوضوء (فتوضأ وضوءًا ليس بالبالغ) أي بالسابغ والكامل (جدًا) أىِ وضوءًا خفيفًا كما في رواية البخاري؛ بأن توضأ مرة مرة، وخفف استعمال الماء بالنسبة إلى غالب عادته.
وأغرب (١) ابن عبد البر فقال: معنى قوله: "فلم يسبع الوضوء"، أي: استنجى به، وأطلق عليه اسم الوضوء اللغوي، ولكن الأصول تدفع هذا؛ لأنه لا يشرع الوضوء لصلاة واحدة مرتين، وهو متعقب بهذه الرواية الصريحة، وفي مسلم:"فتوضأ وضوء ليس بالبالغ". وقد تقدم في الطهارة بلفظ:"فجعلت أصب عليه وهو يتوضأ"، ولم تكن عادته - صلى الله عليه وسلم - أن يباشر ذلك أحد منه حال الاستنجاء.
قال القرطبي: اختلف الشراح في قوله: "ولم يسبغ الوضوء" هل المراد به اقتصر به على بعض الأعضاء فيكون وضوءًا لغويًا، أو اقتصر على بعض العدد فيكون وضوءًا شرعيًا؟ وكلاهما محتمل، لكن يعضد من قال بالثاني قولُه في الرواية الأخرى:"وضوءًا خفيفًا"؛ لأنه لا يقال في الناقص خفيف، ومن موضحات ذلك أيضًا قول أسامة له:"الصلاة" فإنه يدل على أنه رآه يتوضأ وضوءه للصلاة، ولذلك قال له:"أتصلي"؟ .
وإنما توضأ أولًا ليستديم الطهارة ولا سيما في تلك الحالة لكثرة الاحتياج إلى ذكر الله حينئذ، وخفف الوضوء لقلة الماء حينئذ.
(قلت: يا رسول الله! الصلاة) بالنصب على إضمار الفعل، أي: تذكر