سعيد بن جبير قال:"دفعت مع ابن عمر من عرفة، حتى إذا وازينا الشعب الذي يصلي فيه الخلفاء المغرب، دخله ابن عمر فتنفض فيه، ثم توضأ وكبر، فانطلق حتى أتى جمعًا".
وروى الفاكهي أيضًا من طريق ابن جريج قال: قال عطاء: "أردف النبي - صلى الله عليه وسلم - يلي أسامةَ، فلما جاء الشعب الذي يصلي فيه الخلفاء الآن المغرب [نزل] فأراق الماء ثم توضأ".
وظاهر هذين الطريقين أن الخلفاء كانوا يصلون المغرب عند الشعب المذكور قبل دخول وقت العشاء، وهو خلاف السنَّة في الجمع بين الصلاتين في المزدلفة.
ووقع عند مسلم من طريق محمد بن عقبة، عن كريب:"أتى الشعب الذي ينزله الأمراء"، وله من طريق إبراهيم بن عقبة عن كريب:"الشعب الذي يُنيخ الناس فيه للمغرب"، والمراد بالخلفاء والأمراء في هذا الحديث بنو أمية، فلم يوافقهم ابن عمر على ذلك، وقد جاء عن عكرمة إنكار ذلك.
وروى الفاكهي أيضًا من طريق ابن أبي نجيح، سمعت عكرمة يقول: اتخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مبالًا واتخذتموه مصلَّى، وكأنه أنكر بذلك على من ترك الجمع بين الصلاتين لمخالفة السنَّة في ذلك، وكان جابر يقول:"لا صلاة إلَّا بجمع"، أخرجه ابن المنذر بإسناد صحيح.
ونقل عن الكوفيين وعند ابن القاسم صاحب مالك: وجوب الإعادة، وعن أحمد: إن صلَّى أجزأه، وهو قول أبي يوسف والجمهور، انتهى.
فالمراد بقوله:"الذي ينيخ فيه الناس" في حديث أبي داود: الأمراءُ ومن تبعهم، وكذلك المراد بالمعرس معرسهم ومحل نزولهم.