للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: "إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّه السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَي عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ:

===

(فقال: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض) نقل في الحاشية عن الخطابي: قال الخطابي (١): معناه أن العرب في الجاهلية كانت قد بدلت أشهر الحرام، وقدمت وأخرت أوقاتها من أجل النسيء الذي كانوا يفعلونه، وهو تأخير رجب إلى شعبان والمحرم إلى صفر، واستمر ذلك بهم حتى اختلط عليهم، وخرج حسابه من أيديهم، فكانوا ربما يحجون في بعض السنين في شهر، ويحجون من قابلٍ في شهر غيره إلى أن كان العام الذي حج فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصادف حجهم شهر الحج المشروع وهو ذو الحجة، فوقف بعرفة يوم التاسع، ثم خطبهم فأعلمهم أن أشهر النسيء قد تناسخت باستدارة الزمان، وعاد الأمر إلى الأصل الذي وضع الله تعالى حساب الأشهر عليه يوم خلق الله السماوات والأرض، وأمرهم بالمحافظة عليه لئلا يتغير أو يتبدل فيما يستأنف من الزمان.

(السنة اثني (٢) عشر شهرًا) وفي نسخة: اثنا عشر (منها) أي من تلك الشهور (أربعة حرم) أي حرام محترم لا يجوز هتك حرمتها بالقتال فيها (ثلاث متواليات) أي: متتابعات (٣).


(١) انظر: "معالم السنن" (٢/ ٢٠٦، ٢٠٧).
(٢) والحديث تفسير لقوله عز اسمه: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا ... } الآية، [التوبة: ٣٦]، وقال عزَّ اسمه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ ... } الآية، [البقرة: ٢١٧]، وقال عزَّ اسمه: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ} , [البقرة: ١٩٤]، واختلف في أن حكم حرمة القتال فيها باقٍ كما قال به طائفة، والجمهور أنه منسوخ، بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: ٣٦]، والباقي منها مضاعفة الأجر ومضاعفة وزر السيئات، كما في كتب التفاسير، كـ "تفسير الجمل" (١/ ١٧٣)، و"التفسير الكبير" (٥/ ٢٨)، و"أحكام القرآن" (١/ ٣٢٢)، وشيء منه على هامش مصحفي. (ش).
(٣) ههنا مسألة خلافية بين الفقهاء ستأتي في كتاب الصوم، باب صوم أشهر الحرم. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>