للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

إلَّا أبا يوسف، فقال: النصف، وقال الشافعي: أقل ما يجب عليه حلق ثلاث شعرات، وفي وجه لبعض أصحابه شعرة واحدة.

والتقصير كالحلق، فالأفضل أن يقصر من جميع شعر رأسه، ويستحب أن

لا ينقص عن قدر الأنملة، وأما النساء فالمشروع في حقهن التقصير بالإجماع، قاله الحافظ (١).

قال القاري في شرحه (٢) على "المشكاة": وفي الصحيحين وغيرهما: أنه عليه الصلاة والسلام قصَّر في عمرة القضاء، وقد قال تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} (٣)، فدل على جواز كل منهما، إلَّا أن الحلق أفضل بلا خلاف، وظاهره وجوب استيعاب الرأس، وبه قال مالك وغيره، وحكى النووي الإجماع عليه، والمراد به إجماع الصحابة أو السلف - رحمهم الله تعالى -، ومما يؤيده قوله عليه الصلاة والسلام: "خذوا عني مناسككم" ولم يُحْفَظ عنه عليه الصلاة والسلام ولا عن أحد من أصحابه الكرام الاكتفاءُ ببعض شعر الرأس.

وأما القياس على مسح الرأس فغير صحيح للفرق بينهما، وهو أن المسح فيه الباء الدالة على التبعيض في الجملة، وقد ورد حديثُ الناصية المشعرُ بجواز الاكتفاء بالبعض، ولم يرد نص على منع مسح البعض، بخلاف ذلك كله في باب الحلق، فإنه قال تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ}، {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} (٤)، ولم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام قط أنهم اكتفوا بحلق بعض الرأس أو تقصيره، بل ورد النهي عن القزعة حتى للصغار، وهي حلق بعض الرأس وتخلية بعضه، فالظاهر أنه لا يخرج من الإحرام إلَّا بالاستيعاب كما قال به مالك، وتبعه ابن الهمام في ذلك، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٣/ ٥٦٤, ٥٦٥).
(٢) "مرقاة المفاتيح" (٥/ ٥٣٣، ٥٣٤).
(٣) سورة الفتح: الآية ٢٧.
(٤) سورة البقرة: الآية ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>