أقرب أطراف الحل إلى البيت (فإذا هبطتَ بها) أي بعائشة - رضي الله عنها - (من الأكمة).
قال في "القاموس": الأكمة محركةً: التَّلُّ من القفِّ من حجارة واحدة، أو هي دون الجبال، أو الموضع يكون أشدَّ ارتفاعًا مما حوله، وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حَجَرًا، جمعه أَكَم، محرَّكةً وبضمتين، "قاموس".
(فلتُحرِم) فإنها من الحل (فإنها عمرة متقبَّلة)، وهذا يدل على أن عائشة - رضي الله عنها - كانت رافضة للعمرة ناقضة إحرامَها عند أبي داود، واختلف فيه.
فقالت الحنفية: إن عائشة - رضي الله عنها - لما حاضت وأدركها الحج رفضت (١) عمرتها، ثم أحرمت بالحج، فلما فرغت من حجها قضت العمرة التي رفضتها.
وأما عند الشوافع: أنها لم ترفض عمرتها وبقيت على إحرامها، ولكن تركت أفعالَها، فعمرتها من التنعيم عمرة مستأنفة، وقد تقدم بحثها.
ومناسبة الحديث بالباب بأن هذا الحديث وقع فيه ذكرُ الحيض ونقضُ العمرة وأداءُ العمرة من التنعيم مكانها في بعض طرقها، فباعتبار تلك الطرق حصل المناسبة بينه وبين ترجمة الباب، وإن لم تكن هذه الأمور في هذا الطريق.
(١) وبذلك صرَّح محمد في "موطئه" [انظر: "التعليق الممجد" (٢/ ٣٦٠)]، لكن يشكل على الحنفية أن طواف الحائض ينجبر عندهم بالشاة كما في "شرح اللباب"، فكيف احتاجوا إلى رفضها مع وجوب القضاء والدم؟ ويمكن الجواب عنه على رأي صاحب "البدائع" (٢/ ٣١٩، ٣٢٠): أن السعي على طواف الحائض باطل، لكن رده ابن الهمام كما في "شرح اللباب". ولا يشكل علينا ما في "الشرح الكبير" (٢/ ٢٣٨)، و"المغني" (٥/ ٣٦٩): أن إدخال الحج على العمرة جائز بالإجماع، فمع الخشية أولى ... إلخ، لما في "شرح اللباب" (ص ٢٥٧، ٢٥٨): أن الفراغ من العمرة قبل الوقوف بعرفة من شرائط القرآن عندنا، وهاهنا لا يمكنها الفراغ بخلاف الأئمة الثلاثة إذ قالوا: بالتداخل. (ش).