سياق هذا الحديث في "سنن أبي داود" يخالف سياق هذا الحديث في "الترمذي" و"النسائي" و"مسند أحمد"؛ فأخرج الترمذي من حديث ابن جريج، عن مزاحم بن أبي مزاحم بسنده: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الجعرانة ليلًا معتمرًا، فدخل مكة ليلًا فقضى عمرته، ثم خرج من ليلته فأصبح بالجعرانة كبائتٍ، فلما زالت الشمس من الغد، خرج في بطن سرف، حتى جاء مع الطريق طريق جمع ببطن سرف، فمن أجل ذلك خفيت عمرتُه على الناس".
وهكذا أخرج الإِمام أحمد من طريق ابن عيينة، عن إسماعيل بن أمية، عن مزاحم بن أبي مزاحم.
ونقل في الحاشية عن "فتح الودود": قوله: "فأصبح بمكة كبائتٍ"، ظاهر هذا أنه كان بمكة؛ إلَّا أنه جاء الجعرانة ليلًا، ثم رجع إلى مكة فأصبح بها بحيث ما علم بخروجه منها، وهو خلاف المشهور، والمشهور أنه كان بالجعرانة، يقسم بها غنائم حنين، وأراد السفر إلى المدينة، خرج إلى مكة ليلًا، ثم رجع إلى الجعرانة، فأصبح فيها كبائتٍ، فالظاهر أن بعض رواة الكتاب أخطأ في النقل.
والصواب رواية الترمذي والنسائي عن محرش الكعبي: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الجعرانة ليلًا معتمرًا، فدخل مكة ليلًا، فقضى عمرته، ثم خرج من ليلته، فأصبح بالجعرانة كبائتٍ، فلما زالت الشمس من الغد، خرج من بطن
= والتنعيم أفضل عندنا من غيره "شامي" (٣/ ٤٨٤)، وحكى الدردير في "الشرح الكبير" (٢/ ٢٣١) أفضليةَ الجعرانة، والدسوقي المساواةَ، وحكى ابن قدامة (٥/ ٦٠) عن أحمد: كلما تباعد فهو أعظم للأجر، ولم يعين صاحب "نيل المآرب" (١/ ٢٩١)، و"الروض المربع" (١/ ١٥٢) غير الحل. (ش).