للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وفي "صحيح مسلم" (١): عن ابن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا ينزلونه". وفي رواية لمسلم عنه: "أنه كان يرى التحصيب سنَّة".

وذهب آخرون، منهم ابن عباس وعائشة إلى أنه ليس بسنَّة، وإنما هو منزلُ اتفاقٍ، ففي "الصحيحين": عن ابن عباس: "ليس بالمحصب بشيء، وإنما هو منزل نزل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليكون أسمحَ لخروجه" (٢).

وفي "صحيح مسلم" (٣): عن أبي رافع: "لم يأمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أنزل بمن معي بالأبطح، ولكن أنا ضربت قبته، ثم جاء فنزل"، فأنزله الله فيه بتوفيقه تصديقًا لقول رسوله: "نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة". وتنفيذًا لما عزم عليه، وموافقة منه لرسوله صلاة الله وسلامه عليه، انتهى.

قال الحافظ في "الفتح" (٤): فالحاصل أن من نفى أنه سنَّة كعائشة وابن عباس أراد أنه ليس من المناسك، فلا يلزم بتركه شيء، ومن أثبته كابن عمر -رضي الله عنهما- أراد دخولَه في عموم التأسي بأفعاله - صلى الله عليه وسلم -، لا الإلزام بذلك، ويستحب أن يصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويبيت به بعض الليل، كما دل عليه حديث أنس وحديث ابن عمر.

وقال في "لباب المناسك" (٥): وإذا وصل المحصب، وهو الأبطح، فالسنَّة أن ينزل به ولو ساعة، ويدعو، أو يقف على راحلته، والأفضل أن يصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويهجع هجعة (٦)، ثم يدخل مكة، وحد المحصب ما بين الجبل الذي عند مقابر مكة والجبل الذي يقابله مصعدًا، انتهى.


(١) "صحيح مسلم" (٣٣٧، ٣٣٨/ ١٣١٠).
(٢) أخرجه البخاري (١٧٦٦)، ومسلم (١٣١٢).
(٣) "صحيح مسلم" (١٣١٣).
(٤) "فتح الباري" (٣/ ٥٩١).
(٥) "لباب المناسك" مع شرحه لعلي القاري (ص ٢٥١).
(٦) قال في "المجمع" (٥/ ١٥٠): الهجعة: طائفة من الليل، والهجوع: النوم ليلًا, يهجع هجعة: ينام نومة.

<<  <  ج: ص:  >  >>