مكة) زمن الفتح (أبى أن يدخل البيتَ) أي امتنع عن دخوله (وفيه الآلهة) أي والحال أن في البيت آلهتهم- وهي الأصنام- موجودة، (فأمر بها) أي بالأصنام (فأُخْرِجَتْ) أي من البيت.
(قال: فأخرج صورة إبراهيم وإسماعيل وفي أيديهما الأزلام) أي القداح، جمع زلم، وهو القدح الذي لا ريش لها، وهي أعواد نحتوها وكتبوا في أحدها "افعل"، وفي الآخر "لا تفعل"، و"لا شيء" في الأُخَر، فإذا أراد أحدهم السفر أو حاجة ألقاها في الوعاء، فإن خرج "افعل" فعل، وإن خرج "لا تفعل" لم يفعل، وإن خرج "لا شيء"، أعاد الإخراج حتى يخرج له "افعل" أو "لا تفعل".
وعن ابن إسحاق قال: كانت هُبَل أعظم أصنام قريش بمكة، وكانت في بئر في جوف الكعبة، وكانت تلك البئر هي التي يجمع فيها ما يهدى للكعبة، وكانت عند هبل سبعة أقداح، كلُ قدح منها فيه كتاب، قِدْح فيه "العَقْل"، إذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم ضربوا بالقداح السبعة، وقِدْح فيه "نعم" للأمر إذا أرادوه يُضرب به، قال: فإذا خرج قدح "نعم" عملوا به، وقدح فيه "لا"، فإذا أرادوا أمرًا ضربوه به في القداح، فإذا خرج ذلك القدح، لم يفعلوا ذلك الأمر، وقدح فيه "منكم"، وقدح فيه "مُلْصِق"، وقدح فيه "من غيركم"، وقدح فيه "المياه" إذا أرادوا أن يحفروا للماء ضربوا بالقداح وفيها ذلك القدح، فحيث ما خرج عملوا به.
وكانوا إذا أرادوا أن يختنوا غلامًا أو أن يُنكحوا منكحًا أو أن يَدْفنوا مَيْتًا أو يشكوا في نسب واحد منهم، ذهبوا به إلى هُبَل بمائة درهم وبجزور، فأعطوها صاحب القداح الذي يضربها، ثم قرَبوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون، ثم قالوا: يا إلهنا؛ هذا فلان بن فلان قد أردنا به "كذا وكذا" فأخْرِج الحقَّ فيه، ثم يقولون لصاحب القداح: اضرب فيضرب، فإن خرج عليه