للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

حتى تتزوج أي يعقد عليها، ومفهومه أن ذلك كافٍ بمجرده، لكن بيَّنت السنَّة أن لا عبرة بمفهوم الغاية، بل لا بُدَّ بعد العقد من ذوق العُسيلة، كما أنه لا بد بعد ذلك من التطليق، ثم العدة.

نعم أفاد أبو الحسن ابن الفارس: أن النكاح لم يرد في القرآن إلَّا للتزويج إلَّا في قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} (١)، فالمراد به: الحلم، والله أعلم.

وفي وجهٍ للشافعية - كقول الحنابلة- أنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد، وقيل: مقولٌ بالاشتراك على كل منهما، وبه جزم الزجاجي، وهذا الذي يترجح في نظري، وإن كان أكثر ما يستعمل في العقد، ورجح بعضهم الأول بأن أسماء الجماع كلها كناياتٌ لاستقباح ذكره، فيبعد أن يستعير من لا يقصد فحشًا اسم ما يستفظعه لما لا يستفظعه (٢)، فدل على أنه في الأصل للعقد، وهذا يتوقف على تسليم المدعي أنها كلها كنايات، وقد جمع اسم النكاح ابن القطاع فزادت على الألف.

قال في "البدائع" (٣): لا خلاف أن النكاح فرضٌ حالةَ التَّوَقان (٤) حتى إن من تاقت نفسه إلى النساء بحيث لا يمكنه الصبر عنهن وهو قادر على المهر والنفقة ولم يتزوج يأثم، واختلف فيما إذا لم تَتُق نفسه إلى النساء، قال نفاة القياس مثل داود بن علي الأصفهاني وغيره من أصحاب الظواهر: إنه فرض عين بمنزلة الصوم والصلاة وغيرهما من فروض الأعيان، حتى إن من تركه مع القدرة على المهر والنفقة والوطء يأثم, وقال الشافعي - رحمه الله -: إنه مباح كالبيع والشراء.


(١) سورة النساء: الآية ٦.
(٢) وفي الأصل: "ما يستفزعه لما لا يستفزعه"، وهو تحريف.
(٣) "بدائع الصنائع" (٢/ ٤٨٢ - ٤٨٥).
(٤) قال الموفق: هو قول أكثر أهل العلم. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>