للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

واختلف أصحابنا فيه: قال بعضهم: إنه مندوب (١) ومستحب، وإليه ذهب من أصحابنا الكرخي، وقال بعضهم: إنه فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الباقين بمنزلة الجهاد وصلاة الجنازة.

وقال بعضهم: إنه واجب، ثم القائلون بالوجوب اختلفوا في كيفية الوجوب، قال بعضهم: إنه واجب على سبيل الكفاية كرد السلام، وقال بعضهم: إنه واجب عينًا لكن عملًا لا اعتقادًا على طريق التعيين كصدقة الفطر والأضحية.

احتج أصحاب الظواهر بظواهر النصوص من نحو قوله عزَّ وجلَّ: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (٢)، وقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} (٣)، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تزوَّجوا"، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تناكحوا تكثروا" (٤)، أمر الله عزَّ وجلَّ بالنكاح مطلقًا، والمطلق للفرضية والوجوب قطعًا إلا أن يقوم الدليل بخلافه، ولأن الامتناع من الزنا واجب، ولا يتوصل إليه إلَّا بالنكاح، وما لا يتوصل إلى الواجب إلَّا به يكون واجبًا.

واحتجَّ الشافعي - رحمه الله - بقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (٥)، أخبر عن إحلال النكاح، والمحلل، والمباح من الأسماء المترادفة، ولأنه قال: {وَأُحِلَّ لَكُمْ}، ولفظ "لكم" يستعمل في المباحات، ولأن النكاح سبب يتوصل به إلى قضاء الشهوة فيكون مباحًا كشراء الجارية للتسري بها، وهذا لأن قضاء الشهوة إيصال النفع إلى نفسه، وليس يجب على الإنسان


(١) وبه قال أحمد كما في "المغني" (٩/ ٣٤١). (ش).
(٢) سورة النساء: الآية ٣.
(٣) سورة النور: الآية ٣٢.
(٤) أخرجه أحمد في "مسنده" (٣/ ١٥٨، ٢٤٥)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٨١، ٨٢)، وابن حبان في "صحيحه" (٤٠٢٨).
(٥) سورة النساء: الآية ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>