وإنما يعبر عنه بالتماس، يقال: لمس الرجل، إذا مسه، والتمس منه، إذا طلب منه، انتهى.
قلت: ويرده قولُ الحماسي:
"وألمسه فلا أجده".
وقال الحافظ شمس الدين الذهبي في "مختصر السنن الكبير": معناه تتلذذ بمن يلمسها فلا تردُّ يدَه، وأما الفاحشة العظمى، فلو أرادها الرجلُ لكان بذلك قاذفًا.
قلت: ألفاظ الكنايات والكلام المبهم لا يفيد ثبوتَ القذف، إلَّا إذا قامت قرينة تُعَيِّنُ أن المراد منها الزنا لا غير، وها هنا ليست قرينة موجودة فلا يفيد القذف.
وقال الحافظ عماد الدين بن كثير (١): حمل اللمس على الزنا بعيد جدًا، والأقرب حمله على أن الزوج فَهِمَ منها أنها لا ترد من أراد منها السُّوء، لا أنه تحقق وقوع ذلك منها، بل ظهر له ذلك بقرائن، فأرشده الشارع إلى مفارقتها احتياطًا، فلما أعلمه أنه لا يقدر على فراقها، لمحبته لها، وأنه لا يصبر على ذلك، رخص له في إبقائها, لأن محبته لها متحققة، ووقوع الفاحشة منها متوهم.
(قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (غرِّبْها) أمر من التغريب، أي: أبعِدها بالطلاق، (قال) الرجل: (أخاف أن تتبعها نفسي، قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فاستمتع بها)، خاف النبي - صلى الله عليه وسلم -، إن أوجبَ عليه طلاقها، أن تتوق نفسُه إليها، فيقع في الحرام، فأباح له إبقاءَها.