للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الجمهور، ومنعها قوم (١). وسبب اختلافهم: اختلافهم في مفهوم قوله تعالى: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}، هل خرج مخرج الذم أو مخرج التحريم؟ وهل الإشارة في قوله تعالى: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} إلى الزناء أو إلى النكاح؟

وإنما صار الجمهور لحمل الآية على الذم لا على التحريم، لما جاء في الحديث، لحديث ابن عباس - رضي الله عنه -: أن رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - في زوجته: إنها لا تردُّ يدَ لامسٍ، الحديث.

وقال قوم أيضًا: إن الزنا يفسخ النكاحَ بناء على هذا الأصل، انتهى.

قال الشوكاني (٢): وقد حُكيَ في "البحر" عن علي، وابن عباس، وابن عمر، وجابر، وسعيد بن المسيب، وعروة، والزهري، والعترة، ومالك، والشافعي، وربيعة، وأبي ثور "أنها لا تحرم المرأة على من زنى بها"، لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (٣). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحرِّمُ الحلالَ الحرامُ"، أخرجه ابن ماجه (٤) من حديث ابن عمر.

وحُكيَ عن الحسن البصري أنه يحرم على الرجل نكاح من زنى بها. واستدل بالآية. وحكاه أيضًا عن قتادة، وأحمد إلَّا إذا تابا لارتفاع سبب التحريم.

قلت: لا يستدل أولًا على حرمة المزنية على الزاني بالآية, لأن الآية صريحة في حرمة الزانية على العفيف، والعفيفة على الزاني، وأيضًا صريحة باعتبار الاستثناء في حل الزانية على الزاني، والزاني على الزانية، فكيف يمكن أن يقال: يستدل بالآية على تحريم من زنا بها؟


(١) قلت: واختاره ابن حزم في "الملل والنحل" (٣/ ١٣٣). (ش).
(٢) "نيل الأوطار" (٤/ ٢٢٥).
(٣) سورة النساء: الآية ٢٤.
(٤) "سنن ابن ماجه" (٢٠١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>