للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ" (١). [خ ٥١٠٢، م ١٤٥٥، ن ٣٣١٢]

===

قال الحافظ (٢): والمعنى تأمَّلن ما وقع من ذلك هل هو رضاع صحيح بشرطه من وقوعه في زمن الرضاعة؟ فإن الحكمَ الذي ينشأ من الرضاع إنما يكون إذا وقع الرضاع المشترط. قال المهلب: انظرن ما سبب هذه الأخوة؟ فإن حرمة الرضاع إنما هي في الصغر حتى تسد الرضاعة المجاعة، وقال أبو عبيد: معناه أن الذي جاع كان طعامه الذي يشبعه اللبن من الرضاع لا حيث يكون الغذاء بغير الرضاع، انتهى.

(فإنما الرضاعة من المجاعة) فيه تعليل الباعث على إمعان النظر والفكر، لأن الرضاعة تثبت النسب، وتجعل الرضيع محرمًا. وقوله: "من المجاعة" أي الرضاعة التي تثبت بها الحرمة، فتحل به الخلوة، حيث يكون الرضيع طفلًا يسدُّ اللبن جوعته, لأن معدته ضعيفة، يكفيها اللبن، وينبت بذلك لحمُه، فيصير كجزء من المرضعة، فيشترك في الحرمة مع أولادها، فكأنه قال: لا رضاعة معتبرة إلَّا المغنية عن المجاعة أو المطعمة من المجاعة.

واستدل به على أن التغذية بلبن المرضعة يحرم سواء كان بشرب أو أكل، بأي صفة كان؟ حتى الوجور (٣)، والسعوط (٤)، والشرد، والطبخ وغير ذلك إذا وقع ذلك بالشرط المذكور، لأن ذلك يطرد الجوع، وهو موجود في جميع ما ذكر، فيوافق الخبر والمعنى، وبهذا قال الجمهور. لكن استثنى الحنفية الحقنة، وخالف في ذلك الليث، وأهل الظاهر، فقالوا: إن الرضاعة إنما تكون بالتقدم الثدي ومص اللبن منه، انتهى.

واستدل به على أن الرضعة الواحدة لا تحرم لأنها لا تغني من جوع،


(١) زاد في نسخة: "قال أبو داود: روى أهل المدينة في هذا اختلافًا".
(٢) "فتح الباري" (٩/ ١٤٨).
(٣) قوله: الوجور: صب اللبن في حلقه صبًّا من غير الثدي.
(٤) قوله: السعوط: أن يصب في أنفه من إناء وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>