للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وإذا صارت ولي نفسها في النكاح لا تبقى موليًا عليها بالضرورة لما فيه من الاستحالة. وأما الآية وهي قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} (١) فالخطاب للأولياء بالإنكاح ليس يدل على أن الولي شرط جواز الإنكاح، بل على وفاق العرف والعادة بين النساء؛ فإن النساء لا يتولِّين النكاح بأنفسهن عادةً، لما فيه من الحاجة إلى الخروج إلى محافل الرجال؛ وفيه نسبتهن إلى الوقاحة، بل الأولياء هم الذين يتولون ذلك عليهن برضاهن؛ فخرج الخطاب بالأمر بالإنكاح مخرج العرف والعادة على الندب والاستحباب، دون الحتم والإيجاب.

والدليلُ عليه ما ذكره سبحانه وتعالى عقيبه، وهو قوله تعالى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}، ثم لم يكن الصلاح شرط الجواز، ونظيره قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} (٢)، أو تحمل الآية الكريمة على إنكاح الصغار، عملًا بالدلائل كلها، وعلى هذا يحمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزوج النساء إلَّا الأولياء" (٣)، أن ذلك على الندب والاستحباب، وكذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بوليٍّ"؛ مع ما حكي عن بعض النقلة أن ثلاثة أحاديث لم تصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعدَّ من جملتها هذا، ولهذا لم يُخَرَّجْ في الصحيحين، على أنا نقول بموجب الأحاديث، لكن لما قلتم: إن هذا إنكاح بغير ولي، بل المرأة ولية نفسها، لما ذكرنا من الدلائل.

وأما حديث عائشة - رضي الله عنها - فقد قيل: إن مداره على الزهري، فعرض عليه فأنكره، وهذا يوجب ضعفًا في الثبوت، ويحقق الضعف أن راوي الحديث عائشة - رضي الله عنها - ومن مذهبها جوازُ النكاح بغير ولي؛ والدليل عليه ما روي أنها زَوَّجَتْ بنت أخيها عبد الرحمن من المنذر بن الزبير؛ وإذا كان مذهبها في هذا الباب، فكيف تروي حديثًا لا تعمل به؟ !


(١) سورة النور: الآية ٣٢.
(٢) سورة النور: الآية ٣٣.
(٣) أخرجه الدارقطني (٣/ ٢٢٥) والبيهقي (٧/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>