بالبكر، وهذا هو الأصل في الأيِّم وقد تطلق على من لا زوجَ لها أصلًا، ونقله عياض عن إبراهيم الحربي، وإسماعيل القاضي وغيرهما أنه يطلق على كل من لا زوجَ لها، صغيرة كانت أو كبيرة. وحكى الماوردي القولين لأهل اللغة.
قلت: قال في "القاموس": الأيِّمُ ككيِّس: من لا زوجَ لها، بكرًا كانت أو ثيبًا، ومن لا امرأة له، جَمْعُ الأَوَّل أيايِمُ، وأيامَى، انتهى. ولم يذكر المعنى الثاني.
(أحق بنفسها من (١) وليها، والبكر تستأمر في نفسها، وإذنها صُماتها)، استدل الإِمام الشافعي - رحمه الله - بهذا الحديث، ووجه الاستدلال أنه قسم النساء قسمين: ثيبًا وأبكارًا، ثم خص الثيِّب بأنها أحق من وليها، مع أنها هي والبكر اجتمعا في ذهنه، فلو أنها كالثيب في ترجح حقها على حق الولي لم يكنْ لإفراد الثيِّب معنى، وصار بهذا كقوله: في سائمة الغنم زكاة.
فإن قالوا: قد رواه مسلم أيضًا بلفظ: "الأيِّمُ أحق بنفسها"، والأيِّم: هي التي لا زوج لها بكرًا كانت أو ثيبًا.
قلنا: المراد بالأيِّمِ أيضًا الثيبُ؛ لأنه لما ذكر البكر علم أنه أراد الثيب، إذ ليس قسم ثالث، والجواب عنه أن المفهومَ ليس بحجةٍ عندنا، ولو سلم فلا يعارض المفهوم المنطوق، ولو سلم فنفس نظم باقي الحديث يخالف المفهوم، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والبكر تُستأمر في نفسها"، إذ وجوب الاستئمار على ما يفيده لفظ الخبر منافٍ للإجبار, لأنه طلب الأمر أو الإذن، وفائدته الظاهرة ليست إلَّا ليعلم رضاها أو عدمه، فيعمل على وفقه، هذا هو الظاهر من طلب الاستئذان، فيجب البقاء معه، وتقديمه على المفهوم لو عارضه.
(١) فمعنى الحديث عندهم كما فسر به الترمذي أن الولي إذا أنكحها بدون الاستئذان فنكاحها مفسوخ. وليس المعنى أن لها أن تنكح نفسها كما قال الأحناف. (ش).