للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والحاصل من اللفظ إثباتُ الأحقية للثيِّب بنفسها مطلقًا، ثم أثبت مثله للبكر، حيث أثبت حق أن تستأمر، وغايةُ الأمرِ أنه نصَّ على أحقيَّةِ كل من الثيب والبكر بلفظ يخصها، كأنه قال: الثيِّب أحقُّ بنفسها والبكرُ أحق بنفسها أيضًا، غير أنه أفاد أحقية البكر بإخراجه في ضمن إثبات حق الاستئمار لها.

وسببه أن البكر لا تخطب إلى نفسها عادة، بل إلى وليها، بخلاف الثيب، فلما كان الحال أنها أحق بنفسها، وخطبتها تقع للولي، صرح بإيجاب استئماره إياها، فلا يفتاتُ عليها بتزويجها قبل أن يظهرَ رضاها بالخاطب، والأيِّمُ من لا زوجَ لها، بكرًا كان أو ثيبًا، فإنها صريحة في إثبات الأحقية للبكر، ثم تخصيصها بالاستئذان، وذلك لما قلنا من السبب، وبه تتفق الروايتان، بخلاف ما مشوا عليه، فإنه إثبات المعارضة بينهما، وتخصيص المنطوق، وهو الأيِّم لإعمال المفهوم مع أن باقي رواية الثيب ظاهرة في خلاف المفهوم على ما قررناه، فلا يجوز العدولُ عما ذهبنا إليه في تقرير الحديث. قاله ابن الهمام في "فتح القدير" (١).

وقال الشوكاني في "النيل" (٢): وظاهر أحاديث البابِ أن البكرَ البالغةَ إذا زوِّجتْ بغير إذنها، لم يصح العقد، وإليه ذهب الأوزاعي، والثوري، والعترة، والحنفية، وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم. وذهب مالك، والشافعي، والليث، وابن أبي ليلى، وأحمد، وإسحاق إلى أنه يجوز للأب أن يزوجها بغير استئذان، ويرد عليهم ما في أحاديث الباب من قوله: "والبكرُ يستأمرها أبوها"، ويرد عليهم أيضًا حديث عبد الله بن بريدة الذي سيأتي في "باب ما جاء في الكفاءة".

وأما ما احتجوا به من مفهوم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الثيِّب أحقُ بنفسها من وليها"،


(١) "فتح القدير" (٣/ ٢٥٤).
(٢) "نيل الأوطار" (٤/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>