للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اللَّه كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدم حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَيُكَذِّبُهُ". [خ ٦٢٤٣، م ٢٦٥٧، السنن الكبرى للنسائي ١١٥٤٤، ق ٧/ ٨٩، حم ٢/ ٢٧٦]

===

انمحائها بالصلوات وغيرها من الخيرات؛ لأن نزول [الآية] الكريمة: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (١)، إنما كانت نزلت في أمثالها.

(مما قال أبو هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله كتب) أي قدر ذلك عليه، أو أمر الملك بكتابته (على ابن آدم) أي هذا الجنس، أو كل فرد من أفراده، واستثنى الأنبياءَ (حظَّه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة) بفتح الميم، أي لا بُدَّ له من عمل ما قدر عليه.

قال ابن بطال: كل ما كتبه الله على الآدمي، فهو قد سبق في علم الله، فلا بُدَّ أن يدركه المكتوب عليه، وأن الإنسان لا يستطيع أن يدفع ذلك عن نفسه، إلا أنه يلام إذا وقع ما نهى عنه، فبذلك يندفع قول القدرية والمجبرة، ويؤيده قوله: "والنفس تمنى وتشتهي"، لأن المشتهى بخلاف الملجأ.

(فزنا العينين النظر) أي إلى ما لا يحل للناظر، (وزنا اللسان المنطق) وفي رواية: النطق، وكلاهما بمعنى، (والنفسُ تمنَّى) بفتح أوله، على حذف إحدى التاءين، والأصل تتمنَى (وتشتهي، والفرج يصدِّق ذلك ويكذِّبه) أي لما نظر إلى ما لا يحل له، أو نطق بما يدعوه إلى الفاحشة، فكأنما أخبر بوقوع الفاحشة، فإذا وقعت الفاحشة، فكأنما صدق تلك الخبر، وأما إذا لم تقع، فكأنه كذبه.

قال الخطابي: المراد باللمم ما ذكر في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} (٢)، وهو المعفو عنه، وقال: وفي الآية الأخرى:


(١) سورة هود: الآية ١١٤.
(٢) سورة النجم: الآية ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>