للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِنَّ الْيَهُودَ تُحَدِّثُ أَنَّ الْعَزْلَ مَوْؤُودَةُ الصُّغْرَى. قَالَ: "كَذَبَتْ يَهُودُ لَوْ أَرَادَ اللَّه أَنْ يَخْلُقَهُ مَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تَصْرِفَهُ". [ت ١١٣٦، حم ٣/ ٣٣]

===

(وإن اليهود تحدث أن العزل) لا يجوز؛ لأنه (موؤودة الصغرى (١)) هكذا بالإضافة في جميع النسخ الموجودة لأبي داود، وفي كتاب "منتقى الأخبار" (٢) متن "نيل الأوطار": "الموؤودة الصغرى" بالتوصيف، وكذا في حديث جابر عند الترمذي بالتوصيف، فالإضافة مؤوَّلة بإضافة الموصوف إلى الصفة.

(قال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كذبَتْ يهودُ) أي في قولهم: "العزل الموؤودة الصغرى"، فإن الوأد دفن البنات حَيَّة، وهذا يكون بعد الخلق، فإذا لم تخلق لم يتحقق الوأد، (لو أراد اللهُ أن يخلقه ما استطعتَ) أيها العازل (أن تصرفه) أي تمنعه.

وهذا الحديث بظاهره مخالف لما رواه مسلم من حديث جدامة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذلك الوأد الخفي"، وأجاب عنه الشوكاني نقلًا عن الحافظ، فقال: من العلماء من جمع بين هذا الحديث وما قبله، فحمل هذا على التنزيه، وهذه طريقة البيهقي، ومنهم من ضعف حديث جدامة هذا لمعارضته لما هو أكثر منه طرقًا. قال الحافظ: وهذا دفع للأحاديث الصحيحة بالتوهم، والحديث صحيح لا ريب فيه، والجمع ممكن.

ومنهم من ادَّعى أنه منسوخ، ورُدَّ بعدم معرفة التاريخ، وقال الطحاوي: يحتمل أن يكون حديث جدامة على وفق ما كان عليه الأمر أولًا من موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه، ثم أعلمه الله بالحكم، فكذَّب اليهود فيما كانوا


(١) وقال علي - رضي الله عنه -: لا تكون الموؤدة حتى تمر عليه سبع تارات، واستحسنه عمر - رضي الله عنه -، وبسطه القاري في "المرقاة" (٦/ ٣٤٧)، وفي "الشامي" (٥/ ٣٠٤): يكره الإسقاط قبل التصور وبعده إلا لعذر، وإن أسقط ميتًا، ففيه الغرة، وإن أسقط حيًا ثم مات، فعليه الدية. (ش).
(٢) انظر: "نيل الأوطار" (٤/ ٢٨٣، ٢٨٥، ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>