للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قلت: تكلم الحافظ في مسألة النسخ بكلام طويل تركناه للاختصار (١).

الجواب الرابع: دعوى الاضطراب، قال القرطبي في "المفهم": وقع فيه مع الاختلاف على ابن عباس الاضطراب في لفظه، وظاهر سياقه يقتضي النقل عن جميعهم أن معظمهم كانوا يرونه ذلك، والعادة في مثل هذا أن يفشو الحكم وينتشر، فكيف ينفرد به واحد عن واحد؟ قال: فهذا الوجه يقتضي التوقف عن العمل بظاهره، إن لم يقتض القطع ببطلانه.

الجواب الخامس: دعوى أنه ورد في صورة خاصة، فقال ابن سريج وغيره: يشبه أن يكون ورد في تكرير اللفظ كأن يقول: "أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق"، وكانوا أولًا على سلامة صدورهم، يقبل منهم أنهم أرادوا التأكيد، فلما كثر الناس في زمن عمر، وكثر فيهم الخداع ونحوه مما يمنع قبول من ادعى التأكيد، حمل عمر اللفظ على ظاهر التكرار، فأمضاه عليهم.

وهذا الجواب ارتضاه القرطبي وقوَّاه بقول عمر: "إن الناس استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة"، وكذا قال النووي: إن هذا أصح الأجوبة.

الجواب السادس: تأويل قوله: "واحدة"، وهو أن معنى قوله: "كان الثلاث واحدة" أن الناس في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يطلقون واحدة، فلما كان زمن عمر كانوا يطلقون ثلاثًا، ومحصله أن المعنى أن الطلاق الموقع في عهد عمر ثلاثًا، كان يوقع قبل ذلك واحدة؛ لأنهم كانوا لا يستعملون الثلاث أصلاً، أو كانوا يستعملونها نادرًا، وأما في عصر عمر فكثر استعمالهم لها.

ومعنى قوله: "فأمضاه عليهم، وأجازه"، وغير ذلك، أنه صنع فيه من الحكم بإيقاع الطلاق ما كان يصنع قبله. ورجح هذا التأويل ابن العربي ونسبه


(١) انظر: "فتح الباري" (٩/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>