للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

إلى أبي زرعة الرازي. قال النووي: وعلى هذا فيكون الخبر وقع عن اختلاف عادة الناس خاصةً، لا عن تغير الحكم في الواحدة.

الجواب السابع: دعوى وقفه، فقال بعضهم: ليس في هذا السياق أن ذلك كان يبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقره، والحجة إنما هي في تقريره، وتعقب بأن قول الصحابي: "كنا نفعل كذا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" في حكم الرفع على الراجح، حملاً على أنه اطلع على ذلك، فأقرَّه لتوفر دواعيهم على السؤال عن جليل الأحكام وحقيرها.

الجواب الثامن: حمل قوله: "ثلاثًا" على أن المراد بها لفظ البتة، كما تقدم في حديث ركانة سواء، وهو من رواية ابن عباس أيضًا، وهو قوي، ويؤيده إدخال البخاري في هذا الباب الآثار التي فيها البتة.

والأحاديث التي فيها التصريح بالثلاث، كأنه يشير إلى عدم الفرق بينهما، وأن البتة إذا أطلقت حمل على الثلاث، إلَّا إن أراد المطلق واحدة فيقبل، فكأن بعض رواته حمل لفظ البتة على الثلاث لاشتهار التسوية بينهما، فرواها بلفظ الثلاث، وإنما المراد لفظ البتة، وكانوا في العصر الأول يقبلون ممن قال: أردت بالبتة الواحدة، فلما كان عهد عمر أمضى الثلاث في ظاهر الحكم.

وفي الجملة فالذي وقع في هذه المسألة نظير ما وقع في مسألة المتعة سواء، أعني قول جابر: إنها كانت تفعل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدر من خلافة عمر، قال: ثم نهانا عمر عنها، فانتهينا، فالراجح في الموضعين تحريم المتعة وايقاع الثلاث للإجماع الذي انعقد في عهد عمر على ذلك، ولا يحفظ أن أحدًا في عهد عمر خالفه في واحدة منهما.

وقد دل إجماعهم على وجود ناسخ، وإن كان خفي عن بعضهم قبل ذلك، حتى ظهر لجميعهم في عهد عمر، فالمخالف بعد هذا الإجماع مُنابِذٌ لَه، والجمهور على عدم اعتبار من أحدث الاختلاف بعد الاتفاق، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>