للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

كقوله: إن فعلت كذا فللَّه عليَّ أن أذبح ولدي، فإن هذه باطلة، لا يلزمه الوفاء، ولا كفارة فيها ولا فدية، انتهى.

قلت: ومذهب الحنفية في ذلك ما قال في "البدائع" (١): وأما حكم اليمين المعقودة، وهي اليمين على المستقبل، فاليمين على المستقبل لا يخلو إما أن يكون على فعل واجب، وإما أن يكون على ترك المندوب، وإما أن يكون على ترك المباح أو فعله.

فإن كان على فعل واجب بأن قال: والله لأصلين صلاة ظهر اليوم، أو لأصومن رمضان، فإنه يجب عليه الوفاء به، ولا يجوز له الامتناع عنه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف أن يطيعَ الله فليطعْه" (٢)، ولو امتنع يأثم ويحنث، ويلزمه الكفارة.

وإن كان على ترك الواجب، أو على فعل معصية، بأن قال: والله لا أصلي صلاة الفرض، أو لا أصوم رمضان، أو قال: والله لأشربن الخمر، أو لأزنيَن، أو لأقتلن فلانًا، أو لا أكلم والدي، أو نحو ذلك، فإنه يجب عليه للحال الكفارة بالتوبة والاستغفار، ثم يجب عليه أن يحنث نفسه، ويكفر بالمال؛ لأن عقد هذا اليمين معصية، فيجب تكفيرها بالتوبة والاستغفار في الحال، كسائر الجنايات التي ليس فيها كفارة معهودة.

وعلى هذا يحمل ما رويَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه، ثم ليأتِ الذي هو خير" (٣)، أي عليه أن يحنث نفسه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف أن يعصيَ الله تعالى فلا يعصه"،


(١) "بدائع الصنائع" (٣/ ٣٠ - ٣١).
(٢) أخرجه بلفظ: "من نذر ... "، مالك في "الموطأ" (٢/ ٤٧٦)، كتاب النذور والأيمان، باب ما لا يجوز من النذور، والبخاري في "صحيحه" (٦٦٩٦).
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢/ ٣٦١)، والترمذي في "سننه" (١٥٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>