للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثِنْتَانِ في ذَاتِ اللَّهِ، قَوْلُهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ}، وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}،

===

وقد يجب لتحمل أخف الضررين دفعًا لأعظمهما، وأما تسميته إياها كذبات فلا يريد أنها تذم، فإن الكذب وإن كان قبيحًا مخلًّا لكنه قد يحسن مواضع وهذا منها، انتهى.

(ثنتان) منها (في ذات الله)، ولفظ البخاري: "ثنتين منها في ذات الله". قال الحافظ: خصهما بذلك لأن قصة سارة وإن كانت أيضًا في ذات الله، لكن تضمنت حظًّا لنفسه ونفعًا له بخلاف الثنتين الأخيرتين، فإنهما في ذات الله محضًا، وقد وقع في رواية هشام بن حسان المذكورة: "أن إبراهيم لم يكذب قط إلَّا ثلاث كذبات، كل ذلك في ذات الله"، وفي حديث ابن عباس عند أحمد: "والله إن حاول بهن إلَّا عن دين الله".

(قوله) أي أحدها قوله: ({إِنِّي سَقِيمٌ})، وفي رواية عند ابن جرير (١) في "التفسير" عن ابن إسحاق قوله: "إني سقيم"، أي: طعين، أو لسقم كانوا يهربون منه إذا سمعوا به، وإنما يريد إبراهيم أن يخرجوا عنه ليبلغ من أصنامهم الذي يريد.

وقوله: {فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ} يقول: فتولوا عن إبراهيم مدبرين عنه خوفًا من أن يعدِيَهُم السقم الذي ذكر أنه به، قال سعيد بن جبير: إن كان الفرار من الطاعون لقديمًا.

(وقوله) وثانيهما قوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}، قال ابن جرير في "التفسير" (٢): بسنده عن ابن إسحاق قال: لما أتي بإبراهيم، واجتمع له قومه عند ملكهم نمرود {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ}، غضب من أن يعبدوا من معه هذه الصغار وهو أكبر، فكسرهن.


(١) "تفسير الطبري" (٢٣/ ٨٤). سورة الصافات: الآية ٨٩.
(٢) "تفسير الطبري" (١٧/ ٥١). سورة الأنبياء: الآية ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>