للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وسبب نزول آيات الظهار هو: أن خولة بنت ثعلبة كانت امرأة جسيمة، فرآها زوجها ساجدة في صلاتها، فنظر إلى عجيزتها، فلما انصرفتْ أرادها، فامتنعتْ عليه، وكان امرءًا فيه سرعة ولمم، فقال لها: "أنت عليَّ كظهر أمي"، ثم ندم على ما قال. وكان الإيلاء والظهار من طلاق أهل الجاهلية، فقال لها: ما أظنك إلَّا قد حرمت علي، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إن زوجي أوس بن الصامت تزوجني، وأنا شابة غنية، ذات مال وأهل، حتى أكل مالي، وأفنى شبابي، وتفرق أهلي، وكبر سني، ظاهر مني، وقد ندم، فهل من شيء يجمعني وإياه ينعشني به؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حرمت عليه"، فقالت: يا رسول الله، والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقًا، وإنه أبو ولدي، وأحبُّ الناس إلى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حرمت عليه"، فقالت: أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي، قد طالت صحبتي، ونفضت له بطني -أي كثر ولدي-، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أراكِ إلَّا وقد حرمت عليه، ولم أؤمر في شأنك بشيء"، فجعلت تراجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حرمت عليه" هتفت، وقالت: أشكو إلى الله فاقتي وشدة حالي، اللَّهُمَّ أنزل على نبيك.

وكان هذا أول ظهار في الإِسلام، فأنزل الله تعالى عليه: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} (١) الآيات، قال لها: "ادعي زوجك"، فجاء فتلا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ}، الآيات، ثم قال له: "هل تستطيع أن تعتق رقبة؟ " قال: إذن يذهب مالي كله. الرقبة غالية، وأنا قليل المال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ " فقال: والله يا رسول الله إن لم آكل في اليوم ثلاث مرات كَلَّ بصري، وخشيت أن تعشو عيني قال: "فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينًا؟ قال: لا والله إلَّا أن تعينني على ذلك يا رسول الله، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني معينك بخمسة عشر صاعًا، واجتمع لهما أمرهما" (٢).


(١) سورة المجادلة: الآية ١.
(٢) انظر: "عمدة القاري" (١٤/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>