للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: "أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي ثَمَانُ نِسْوَةٍ، قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ للنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ (١): "اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا". [جه ١٩٥٢، ق ٧/ ١٨٣]

===

عن الحارث بن قيس الأسدي. (قال: أسلمت وعندي) أي في نكاحي (ثمان نسوة، قال: فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اختر منهن أربعًا).

قال الشوكاني (٢): استدل به الجمهور على تحريم الزيادة على أربع. وذهبت الظاهرية (٣) إلى أنه يحل للرجل أن يتزوج تسعًا، ولعل وجهه قوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (٤)، ومجموع ذلك -لا باعتبار ما فيه من العدل- تسع. وأجابوا عن حديث قيس بن الحارث، وحديث غيلان (٥) الثقفي، وحديث نوفل بن معاوية عند الشافعي بما فيها من المقال.

واستدلوا بما ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين تسع. وقد قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (٦). وأما دعوى اختصاصه بالزيادة على الأربع فلم يقم عليه دليل.

وقد يجاب بأن مجموع الأحاديث المذكورة في الباب لا تقصر عن رتبة الحسن لغيره، فتنتهض مجموعها للاحتجاج، وإن كان كل واحد منها لا يخلو عن مقال، ويؤيد ذلك كون الأصل في الفروج الحرمة، فلا يجوز الإقدام على شيء منها إلَّا بدليل، وأيضًا هذا الخلاف مسبوق بالإجماع على عدم جواز الزيادة على الأربع، كما صرح بذلك في "البحر"، وقال في "الفتح": اتفق العلماء على أن من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - الزيادة على أربع نسوة يجمع بينهن، انتهى.


(١) في نسخة: "قال النبي - صلى الله عليه وسلم -".
(٢) "نيل الأوطار" (٤/ ٢٣١).
(٣) وعزاه في "شرح الإقناع" (٢/ ١١٦) إلى الخوارج، وحكى قولًا آخر وهو جواز ثمانية عشر؛ لأن كل واحد من الألفاظ الثلاثة تدل على التكرار فمثنى أربع ... إلخ. (ش).
(٤) سورة النساء: الآية ٣.
(٥) وحكى السيوطي في "شرح الترمذي": أسماء جماعة كانت عندهم عشر نسوة، وكذا صاحب "التلقيح" (ص ٤٥٦)، ومحشي "شرح الإقناع" (٢/ ١١٦). (ش).
(٦) سورة الأحزاب: الآية ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>