للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قلت: ألا ترى أن الصحابة - رضي الله عنهم- مع شدة اتباعهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكثرة قوتهم ورغبتهم في النساء لم يزد واحد منهم على الأربع. فهذا كالصريح في أن الزيادة على الأربع مختصة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ثم قال الشوكاني (١): فإذا أسلم كافر وعنده أختان، أجبر على تطليق إحديهما، وفي ترك استفصاله عن المتقدمة منهما من المتأخرة دليل على أنه يحكم لعقود الكفار بالصحة، وإن لم توافق الإِسلام، فإذا أسلموا أجرينا عليهم في الأنكحة أحكام المسلمين. وقد ذهب إلى هذا مالك والشافعي وأحمد وداود.

وذهبت العترة وأبو حنيفة وأبو يوسف والثوري والأوزاعي والزهري واحد قولي الشافعي إلى أنه لا يقر من أنكحة الكفار إلَّا ما وافق الإِسلام، فيقولون: إذا أسلم الكافر وتحته أختان، وجب عليه إرسال من تأخر عقدها، وكذلك إذا كان تحته أكثر من خمس أمسك من تقدم العقد عليها منهن، وأرسل من تأخر عقدها، إذا كانت خامسة أو نحو ذلك، انتهى.

قلت: قال في "البدائع" (٢): فصل: ثم كل نكاح جاز بين المسلمين، وهو الذي استجمع شرائط الجواز التي وصفناها، فهو جائز بين أهل الذمة، وأما ما فسد بين المسلمين من الأنكحة، فإنها منقسمة في حقهم، منها ما يصح، ومنها ما يفسد، وهذا قول أصحابنا الثلاثة، وقال زفر: كل نكاح فسد في حق المسلمين فسد في حق أهل الذمة، حتى لو أظهروا النكاح بغير شهود يعترض عليهم، ويحملون على أحكامنا وإن لم يرفعوا إلينا، وكذا إذا أسلموا يفرق بينهما عنده، وعندنا لا يفرق بينهما، وإن تحاكما إلينا أو أسلما، بل يقرَّان عليه.


(١) "نيل الأوطار" (٤/ ٢٤٣).
(٢) "بدائع الصنائع" (٢/ ٦١٣، ٦١٩، ٦٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>